تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفلتان الغرامي

آراء
الأربعاء 11-11-2009م
حسين عبد الكريم

لماذا الاستهتار بالأمن الغرامي؟

السؤال ليس برسم مديريات الحدائق والأرصفة والمحافظات.‏

ولو كان الأمر متعلقاً بالمديريات والقائمين على أمور البيئة والنظافة والأرصفة لوجدنا دروب العاشقين وساحاتهم محفرة وأسيجة أمانيهم بالأرض.‏

الحالة الغرامية غير بلاط الشوارع، وتعبيرات الحب ليست شاخصات عبور وتوقف، وسلوك الأحباب لا يخضع لقانون سير وإرشارات مرور زرقاء وحمراء وبين بين.‏

في الحب لا يوجد بين بين: إما حبق وإما استسلام لسطوة الجهل الغرامي.‏

وكأن الفلتان الغرامي أودى بحياة وأحلام أحباب كثيرين لم يلتزموا خط سير وجدانهم أو لعل وجدانهم لم يتبرمج بالشكل الإنساني اللائق بالحب وفهم الغرام.‏

الغرام مدرسة أولى والعاشقون طلاب الصفوف الابتدائية.. جامعات الغرام لا تعطي شهادات الدكتوراه أو الدراسات العليا بالشغف، إلا على أساس الدراسات وشهادات الصفوف الابتدائية، لا يمكن لفاشل في الصف الأول حب أو اشتياق أو غرام أن يحصل على شهادة عليا في فلسفة الحب أو شهادة (إيزو) في صياغة الكلام العاشق والسلوك الأنيق.‏

من شروط الدروس الغرامية أن تعلّم الحبيب فهماً حميماً وتدربه على الحسن واللياقة والرقة ودرساً بعد درس يغدو الحبيب حسناً ورقيق الحاشية ومليح الملامح والمحيّا.‏

الشهادات العليا المزورة أو مدفوعة الثمن لا تقبل في عرف ومدارس الأحباب.‏

هل يعقل أن يحاضر بالحب جاهل بأبسط قواعد الحب والألفة والصلات الطيبة؟.‏

الفلتان الغرامي العاصف هو الجواب على السؤال... السماح لآفات التزوير أن تتسلل إلى أعصاب المحبين وثقافة الحب سبّب فلتاناً غرامياً، لا يمكن السيطرة عليه بالهراوات وشرطة حفظ الغرام وحراسة دروس الأحباب.‏

قرية بلا أحباب قرية بلا حياة كافية للتنفس العليل والصحي.. بالحب نتنفس ونبكي ونفرح ويشتد حيلنا وتزرع الأرض شجراً واخضراراً.‏

وشارع بلا قصص غرام لا تصلحه جميع الترميمات وجميع تجديدات الأرصفة والأسيجة ولوحات الاعلانات والشاخصات المرورية.‏

لكل حبيبة ثقافة سفر وتوقف تخص وجدانها والحبيبة التي تحظى بخبرة الحب والصدق تتتفوق في هندسة حواسها ومسرّاتها، وتحصل مع الأيام على شهادات عليا في التربية الغرامية ويمكنها أن تهدي الأحباب والأصدقاء والآخروين حصصاً درسية خاصة أغنى من الكثير من الدروس الخصوصية التي يحملها المدرسون الحاليون في جيوبهم وحقائبهم.‏

الدروس ذات الأهمية لا تحملها الجيوب والحقائب.‏

إحدى موظفات الحب التي لم تدرس أي درس أساسي من دروس الغرام سمعها الأصدقاء تقول: أريدأن أتقدم لنيل شهادة الدراسات العليا.‏

سألها الأصدقاء:‏

كيف تحصلين على هكذا شهادة عليا وأنت لم تتعلمي دروس الصفوف الأولى؟‏

استهترت بالسؤال وظلت سارحة في جهلها وحاولت الحصول زوراً على شهادة عليا لكنها فشلت في جميع دراساتها وشهاداتها وتوهمت وتوهمت فحسب، وشاهدت أخريات زورن فلسفة الحب وشهادات الغرام لكنها لم توفق مثلهن إلى التزويير، فصارت مشردة لا تحمل شهادة حقيقية ولا شهادة مزورة.‏

الشهادات التي تملأ الأسواق ورفوف الأيام الكثير منها فاسد ومزور ومن فوق الأسطحة وهذا ما سبب الفلتان الغرامي الذي يحتاج إلى أكثر من شرطة حفظ غرام.‏

تحتاج إلى بيئة غرامية جديدة لا تشملها ترميمات الأرصفة والشوارع والساحات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية