تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في حدث... اللغة.. الكائن الحي

آراء
الأربعاء 11-11-2009م
د. اسكندر لوقا

لا أعتقد أن أحداً من المعنيين لا المختصين فقط باللغة العربية، إلا ويعتبرها جزءاً من هويته الوطنية، ذلك لأنه بواسطتها يعبر عن حضوره في المجتمع الذي ينتمي إليه، فضلا عن التعبير بها عن نفسه.

ومن هنا يسعى الناشطون في مجال حماية هذا الكائن كي يبقى حيا لأن حضورهم في الأرض التي هم منها يرتبط ببقاء لغتهم فيها على قيد الحياة. فاللغة بهذا المعنى تعبير عن شخصية حاملها بشكل أو بآخر، بغض النظر عن كونها تنتمي إلى فئة اللغة الفصحى أو اللهجة الدارجة، ذلك لأنها تعبر عن أن صاحبها في البيئة التي يشكل فردا من بين شرائحها المتنوعة بحكم الولادة والنشأة.‏‏

ولغتنا العربية، من هذه الناحية تحديدا، تتميز بخصائص قلما تتوافر لدى لغات الشعوب الأخرى وذلك لغناها بالمفردات القادرة على الوصف والتعبير استجابة لمتطلبات القول أو الكتابة في المواضيع المختلفة. وفي هذا السياق الأمثلة لا تعد ولا تحصى. ولهذا الاعتبار تتجدد الدعوة بين الحين والآخر، على لسان كبار المسؤولين وكذلك الحريصون على هوية المواطنة من حيث المبدأ فعلا لا قولا، للحفاظ على ألق لغتنا العربية واعتمادها بوصفها المدخل إلى توحيد الكيان الآخر الذي يجب أن يبقى حيا، و أن يصير واحدا وموحدا أعني الوطن العربي بأرجائه كافة.‏‏

وفي السياق المتصل، ثمة جهود جادة ولافتة للنظر تفرض حضورها في ساحتنا الأدبية بين يوم وآخر، وذلك على غرار صدور الكتب التي تحتضن هذا الهم الوطني، هم حماية كيان اللغة العربية ليبقى حيا بيننا اليوم ودوما، وفي مقدمة هذه الكتب، على سبيل المثال، ما أصدره ويصدره لغوي من بلدنا سورية بات معروفا على مستوى الوطن العربي بين معنيين آخرين باللغة العربية أمثاله هنا وهناك، أعني به الأستاذ أحمد الخوص صاحب المؤلفات المتخصصة بتقريب كنوز اللغة العربية من أجيالنا الصاعدة من مستوى التعليم الأساسي حتى الجامعي.‏‏

وبطبيعة الحال لا نستثني، في هذا المجال أيضا، مجامع اللغة العربية لدينا في سورية كما في بلدان عربية أخرى، تسعى جاهدة لتكون هويتنا اللغوية موحدة إن صح التعبير، ذلك لأن السبق العلمي والتكنولوجي في وقتنا الراهن بات صاحب الكلمة الفصل في حمل لغة البلد الذي يسبق سواه في مضمار العلم والمعرفة إلى مسافات تتخطى حدوده. وفي وطننا العربي ثمة العديد من ذوي المؤهلات لخوض المنافسة مع الآخر لجعل لغتنا العربية في موقعها الذي تستحق، لأن هذه اللغة خبرت من قبل وعلى مدى قرون عدة، خبرت قدرة مفرداتها على صوغ المعلقات الخالدة الباقية حتى اليوم في ذاكرة أبناء شعبنا العربي.‏‏

ومن هنا وجوب التنبه إلى الجهود الجادة التي يبذلها أحد أبناء وطننا في سياق تثبيت هويتنا الوطنية في مجال خدمة اللغة العربية، على غرار الجهد الذي يبذله، بصمت، الباحث اللغوي الذي أشرت إليه الأستاذ أحمد الخوص، والكل يعلم أن ما استطاع أن ينجزه هذا الباحث حتى اليوم يقارب، حقا، العمل المؤسساتي الذي تنهض به وزارتنا العتيدة في سياق حماية لغتنا، هذا الكيان الحي، وأعني بها تحديدا، وزارة التربية.‏‏

Dr-louka@maktoob.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية