|
هآرتس من الصعب مقارنة إسرائيل التي توحي للعالم بأنها ديمقراطية، باسرائيل الدكتاتورية المظلمة. ومع ذلك ، فإن بين اسرائيل الديمقراطية وتلك الديكتاتورية شيئاً مشتركاً واحداً، هو ان الناس لا تنام جيدا في الليل تحت أي نظام منهما . في الأنظمة الديكتاتورية، يخشون قيام ثورة من جانب الأغلبية ، وفي إسرائيل «الديمقراطية» لا يكفون عن دراسة الرسوم البيانية لمعدل المواليد بين العرب تخوفا من الإخلال بالتوازن الديموغرافي. وثمة قاسم مشترك آخر وهو ان كلا المجموعتين من السكان هم من المضطهدين . في الدكتاتورية المظلمة، تضطهد فئة اخرى، وفي إسرائيل يدعم النظام من قبل الأغلبية العرقية التي تضطهد أقلية عرقية. منذ 63 عاما ، لم تتوقف إسرائيل عن استغلال الأقلية بالقانون . فالكنيست الاسرائيلي يوافق على مصادرة كل دونم ارض لصالح إسرائيل والمستوطنين، فضلا على ان المحكمة الاسرائيلية التي تشرع هدم منازل الفلسطينيين . ناهيك عن التمييز الذي يمارس بين المناطق الاسرائيلية والعربية حيث تصرف كامل الميزانيات للمناطق الاسرائيلية، بينما يتم الاقتطاع من ميزانيات المناطق العربية بقرار من المستوى الوزاري. وتتم هذه الاجراءات التمييزية من منطلق أن ممثلي الغالبية العرقية لهم السيطرة على القرار في الكنيست، والمكاتب الحكومية ، والمؤسسات الاقتصادية والنظام القانوني. وهكذا، ونتيجة للخوف الديموغرافي، كتب فصلا آخر هذا الشهر في محاولة لمضايقة الأقلية العربية. قانون المواطنة يمنع الفلسطينيين من العيش مع أزواجهم الإسرائيليين داخل إسرائيل ذاتها، ويتم بالتالي فصل النساء عن أزواجهن والأطفال عن والديهم، وهو ما سيحول حياتهم الى كابوس مستمر وهذا كله بموجب قانون التنظيم. لو صدر مثل هذا القانون في العالم المتنور لرفض على الفور. اما في إسرائيل، فإنه يحصل على مباركة من المحكمة العليا للأغلبية العرقية التي من المفترض أن تكون محكمة الملاذ الأخير للمسحوقين . لكن دورها في إسرائيل مختلف حيث تترك العرب من دون عون. العرب الذين تعلموا من سنوات معاناتهم الطويلة مقولة: «إذا حرمك قضاتك من حقوقك فلمن ستقدم شكواك ؟ لمن سيشتكي المواطنون العرب عندما لا يقول الجناح الليبرالي الممثل بيائير لابيد وتسيبي ليفني وشيلي ياتشيموفيش كلمة واحدة في وجه هذا الظلم ، في حين يقفز الجناح اليميني ابتهاجا لمعاناة العرب؟ وفي الوقت نفسه ، يكبر الاطفال كونهم لا يستطيعون الانتظار حتى يكون الطقس عادلا. الصراعات تتزايد على الساحة الدولية ، وتستنفر الاسرة الدولية بكل مؤسساتها ازاء الاحداث التي يشهدها العالم العربي . ولكن في إسرائيل سنجد صرخة النفاق من الأغلبية ، وكأن العرب يقوضون حق البلاد في الوجود. الامر غير صحيح ان العرب يشكون فقط من إساءة الأغلبية المتواصلة بحقهم. لا يحق لأي سلطة قمع جزء من سكانها ، سواء كانت ديكتاتورية فاسدة أم ديمقراطية متفتحة . لكن مثل الزوج المعتدي الذي يمنع زوجته من الذهاب إلى الشرطة كونه لا يرغب بنشر غسيله الوسخ امام العامة، لا ترغب إسرائيل ان يسلك مواطنوها العرب سلوك المرأة المقموعة . عليهم ان لا يفضحوها امام العالم . وهناك أشخاص يأملون بأن ينتقل الأقلية إلى بناء آخر. والمدعوون للانتقال إلى بناء اخر هم أولئك الذين ينزعجون من بكاء طفل حديث الولادة، سواء كان عربيا أم يهوديا. ان الرضيع العربي الذي ولد ليس نتاج مؤامرة. وهذا الرضيع العربي، مثل الرضيع اليهودي ، نعمة من الله. ومن المهم أن نلاحظ أن تعبير «أغلبية عرقية» هو تعميم خام ، باعتبار ان العديد من اليهود هم شركاء الكفاح الشجاع ضد العنصرية. وان النداء للرأي العام الدولي لرفع صوته يكمل نضال القوى الديمقراطية في اسرائيل، وهو ما سيوضح للعالم أن الجناح اليميني في اسرائيل قد تخطى حدود الفصل العنصري. عندما كان مناحيم بيغن رئيسا للوزراء، علق الكثير من المثقفين امالهم على الإدارة الأمريكية من أجل كبح جماحه، لكن كان ذلك عبثا. ومثل ذلك الحين، لا يمكننا اليوم الانتظار كي يأتينا الخلاص من البيت الابيض، لكن الرأي العام المستنير من العالم هو الذي يمكنه ان يساعدنا . وهذه المساعدة ستكون لصالح الأسرة بأكملها. قال كارل ماركس ان الشعب الذي يضطهد شعبا آخر لا يمكن أن يكون حرا. هذا أيضا لصالح الغالبية العرقية التي يحق لها ولمرة واحدة النوم بشكل جيد ، دون كوابيس الديموغرافيا . بقلم : عودة بشارات |
|