|
البقعة الساخنة خاصة في البلدان ذات التكوين الطائفي والعرقي المتعدد، حول شكل البناء الديمقراطي المنشود، وطبيعة المعايير المطلوبة لضبط الممارسة السياسية في هذا المجتمع. ووفق الفقه السياسي الحديث، فان ثمة نمطين رئيسيين للممارسة الديمقراطية، وهي ديمقراطية الأكثرية القائمة على مفهوم المواطنة، وعلى العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة، وديمقراطية التوافقية القائمة على مبدأ التوافق بين المكونات الأساسية للمجتمع ( طائفية وعرقية وعشائرية .. ) من جهة والدولة من جهة أخرى، فتتحول تلك المكونات إلى ممثل تلقائي لمصالح الأفراد الذين يفترض أنها تنوب عنهم في الكيان السياسي الجامع. ومثل هذه الديمقراطية الأخيرة، أي التوافقية، شهدت تجارب ناجحة في بعض المجتمعات التي تمتاز بالتطور الحضاري مثل هولندا والنمسا وبلجيكا، لكنها تجارب سرعان ما تطورت لتدمج على نحو ناجح بين النمطين المذكورين. أما في المجتمعات العربية، فقد سجلت الديمقراطية التوافقية فشلا ذريعا وهددت دائما بنية الدولة وسلامها الداخلي كما حدث في لبنان، وكما يحدث في العراق منذ سنوات، أو أدت إلى تقسيمه، كما حصل في السودان، وذلك أنها قامت دائما على المحاصصة الطائفية والعرقية القائمة على الهوية والتخندق، مع إهمال تام للبرامج السياسية الجامعة لكل أبناء الوطن. ولعل الشكل الأمثل للديمقراطية المنشودة في مجمل المجتمعات العربية، هو ذاك القائم على فكرة المواطنة والاكثريات السياسية، وليس المذهبية أو العشائرية والعرقية، وعقد اجتماعي يضمن انخراط جميع المكونات المشكلة للمجتمع في الحياة العامة، وفق مبدأ المواطنة المتساوية.. |
|