|
شباب ولها معان أعمق وأسمى من الحب حيث إن هذه العلاقة تنشأ من تألق فكري وعقلي وتوافق أمزجة وتبنى على أرضية صلبة من الاحترام والتفاهم بين الطرفين بعيداً عن أي غايات دفينة. ولأن طبيعة الحياة العملية والدراسية والاجتماعية باتت تفرض على مجتمعاتنا الشرقية فهماً أوسع للعلاقة التي تربط الرجل بالمرأة والمعارض لفكرة وجود صداقة بين الشاب والفتاة، لأن مجتمعنا مجتمع انتقالي ومعادلة العلاقات فيه غامضة وأصول علاقة الصداقة في المجتمع مشوهة بحيث لا توجد حواجز مناسبة تميز بين الحدود المختلفة للعلاقات ومع وجود صداقة بين الجنسين من جيل الشباب في مجتمعنا إلا أنها لا تزال غريبة بعض الشيء، على بعض الأسر لأن هناك اختلافاً وتفاوتاً بينها في تمسكها ببعض التقاليد التي تجعل نشــوء هذه العلاقــة صعبــاً جداً تبعاً لدرجة الوعي. كما أن الكثير من هذه العلاقات تبقى في التجمع الذي نشأت فيه وتندثر مع خروج أي من طرفي الصداقة من إطار هذا التجمع أو بارتباط احد الطرفين بعلاقة حـب أو زواج. وفي هذا الإطار قام ملحق شباب برصد آراء العديد من الشباب والتي تصادمت فيما بينها حول وجود قيود وحدود للعلاقة بين الشباب والبنات وعدم الخلط بين هذه العلاقة وبين أي علاقة أخرى من الممكن أن تنشأ بين الطرفين. يقول السيد احمد حداوي موظف حكومي إن الحياة اليومية تتطلب الاحتكاك أو بمعنى آخر التواصل بين الرجل والمرأة سواء كان في مكان الدراسة أو العمل و لا بد من أن يتم هذا التعامل والتواصل ولا بأس من تكوين صداقه بينهم و لكن بحدود التعامل السطحي المرتبط بالعمل أو الدراسة لان في بعض الأحيان يكون احد الأطراف مجبراً على التعامل مع الطرف الآخر فإن كانت العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل و الصداقة الأخوية فلا مانع في ذلك.
وبينت فاطمة الشيخ عيسى طالبة في كلية الآداب في جامعة الفرات أن الاحترام المتبادل هو الأساس لكل علاقة ناجحة سواء بين الجنس نفسه أو من جنسين مختلفين، وأضافت فاطمة انه في القضايا الاجتماعية لا يوجد فرق بين الشباب وبين البنات فيما يسيء للبنات أو يسيء للشباب والمهم هو الحدود في العلاقة والتي تختلف معاييرها من شخص لآخر، وبمعنى آخر يجب احترم خصوصية الأشخاص الآخرين وعلى كل شخص أن يرضى لنفسه ما يرضاه للآخرين. أما فرح مغير الموظفة في الخدمات الاجتماعية ترى أن حدود الصداقة تختلف من شخص لآخر وطريقة تقبلها تختلف أيضاً وهي من النوع الذي يؤمن بالصداقة بين الشباب والبنات ولكن هذه العلاقة تحكمها المحبة والأخوة والوفاء وتضيف فرح انه باستطاعة أي شخص وضع ضوابط دينية واجتماعية لرسم الحدود بين العلاقة وتفضل الشابة فرح كلمة أخ على كلمة صديق. السيد محمد علوش طالب في كلية الحقوق في جامعة الفرات يقول إن وسائل الإعلام ومنها التلفزيون ساعدت بشكل كبير على تفهم العلاقة بين الشباب والبنات ورسم حدود هذه العلاقة وذلك من خلال تجارب كثيرة للعديد من الشباب الذين يصونون علاقة الصداقة مع البنات ويقدرونها، ويضيف محمد إن الضوابط التي تقيد هذه العلاقة هي التربية التي نشأ عليها وحصل عليها كل شخص في منزله أو من خلال تجاربه في الحياة والتي من الممكن أن تفيده في العلاقة مع الجنس الآخر. أحمد حنون طالب في كلية الهندسة البتروكيميائية قال:في زمننا هذا أصبح تواصل الشباب مع البنات شيئاً حتمياً ولا مهرب منه وذلك من خلال الدراسة أو من خلال العمل ويستطيع أي شخص أن يحدد مسار العلاقة بطريقة غير مباشرة حيث يعطي إشارات للطرف الآخر انه لا يرضى أن تكون تلك العلاقة جسراً لعلاقة أخرى وهناك الكثير من العلاقات بين الطرفين والتي دامت حتى بعد زواج أحد الطرفين. ومن جانبه التقى "ملحق شباب" مع الدكتور محمد أديب الطه الاختصاصي في علم النفس الاجتماعي للتعرف على الموضوع من الناحية العلمية حيث قال إذا تناولنا الموضوع من المنظور الأول وهو من حيث طبيعة المجتمع الإنساني الذي نعيش ضمن إطاره أي المجتمع العربي فهناك اختلافات جوهرية في طريقة تعاطي المجتمعات مع أشكال العلاقات الإنسانية وخاصة الصداقة، حيث لا تزال نظرة المجتمع العربي إلى الصداقة بين الجنسين غير واضحة المعالم وحدودها ضائعة، وهذا يرجع في اعتقادي إلى التكوين النفسي والموروثات الاجتماعية الخاطئة إلى جانب الفجوة العميقة بين التعاليم الدينية وآليات تطبيقها وهذا بالطبع بعيد كل البعد عن التفكير المنطقي العقلاني الصحيح. أما من المنظور الثاني وهو طبيعة العلاقة بحد ذاتها، وهذا المنظور لا ينفصل بأي حال من الأحوال عن المنظور الأول لكن جاء الفصل هنا لغايات التوضيح ليس إلا، فطرفا العلاقة وهما الرجل والمرأة اللذان هما أساساً جزء من المجتمع الكبير، ويقع على عاتقهما حمل كبير في إيصال الرسالة المحقة التي تحملها الصداقة دون الالتفات إلى أي اعتبارات مادية أو مصلحية أو حتى محدودة مقيدة بإطار النشوء الأصلي، فالعلاقات الإنسانية ممتدة لانهائية ولا تحكمها المصالح الأنانية بقدر ما تحكمها ضوابط الاحترام والإنسانية والود. ويرى الدكتور محمد الطه أنه عندما تكون القاعدة الأساسية للعلاقة هي الصداقة أي العلاقة القائمة على الصدق، والشفافية التي هي وجه للصداقة تحت الشمس فليس ثمة مشكلة حتى مع احتمالات وجود اختلافات في الآراء والمفاهيم والعادات ومستويات المعيشة فالصدق دائماً يضمن الوصول لنتائج هي أفضل بكثير من تلك التي لا وجود للصداقة فيها أصلاً، حيث ستنشأ قطعاً كما هو الواقع الذي يخلو من الصداقة علاقات في الظلال وستقوم حتماً على عكس الصدق أي على الكذب والتخفّي والتستّر أي على ما هو أسوأ. وأكد الدكتور محمد على أن علاقة الصداقة بين الشباب والبنات هي كسائر العلاقات البشرية بين الناس وهي جزء من هذه العلاقات وهي امتداد تلقائي وطبيعي لها تحكمها القوانين والنُّظم والنتائج ذاتها والتجربة التاريخية شاهد عيان للمقارنة على الأرض، وليس من الناحية النظرية فقط أو من قبيل أفكار افتراضية لم تكن يوما قيد التجربة العامة على مستوى الدول والشعوب. فعندما تنحرف مسارات العلاقات العامة، وأيضا العلاقات الخاصة بالتأكيد سيكون الطرف الأضعف دائما وأبداً ضحية فساد العلاقات البشرية وهنا ليست البنت هي الأضعف دائماً قد يقع الشاب ضحية "صداقة" لم تكن في الأصل كذلك فيذهب مستقبله، ليس من الناحية الجنسية، بل من نواحٍ أخرى أصعب وأكثر أهمية "مسلكية وسياسية وفكرية وتعليمية واقتصادية... الخ". وأضاف الدكتور في علم النفس الاجتماعي إن المشكلة الأساسية ليست في الانفتاح بين الجنسين "الشباب والبنات" بل هي في انعدام التوعية الكافية والتأهيل الأنسب لخوض تجربة منفتحة من جديد في ظل انهيار الأخلاقيات والحصانات الذاتية وانهيار الأخلاقيات والحصانات العامة، والانفتاح الخطير على عالم مبهم من الضياع والبؤس أو الأصولية المتوحشة أو الانفرادية والعزلة أمام طغيان علاقات عامة سوقية. |
|