تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نجوع.. نبرد، وهيهات منّا الهزيمة!

شباب
الاثنين 30-1-2012
غانم محمد

ليس المهم ماذا تفعل بل الأهم أن تخلص لما تعمله وخاصة في هذه الظروف التي يمرّ بها بلدنا الغالي سورية والتي تفرض على الجميع المزيد من الإخلاص

والتفاني والصدق في العمل وفي الانتماء للبلد وللشعب..‏‏‏

خلال تواجد بعثة من مراقبي الجامعة العربية في طرطوس ولقائها مع أبناء المحافظة من مختلف أطيافهم وفئاتهم برز صوت الشباب الطرطوسي الذي لا يختلف‏‏

‏‏

عن صوت كلّ شباب الوطن وأبحر عميقاً في آذان وضمائر المراقبين معلناً بكلّ تحدٍّ ووضوح أن سورية خطّ أحمر وأنّ الشباب هو ضمانة المستقبل وهم المدافعون عن الحاضر ولا يهمّ كم يمضي من شهداء بل المهم أن يبقى وجه سورية منيراً كالشمس وأن تبقى مكانتها كما هي حارسةً للفخار العربي وللكرامة العربية..‏‏‏

لقد سجل شباب طرطوس أمام وفد المراقبين العرب في كل مكان حلّوا به أروع المواقف مؤكدين أن من يشرب من مياه سورية سيكون على الدوام مستعداً لبذل نفسه فداء لها، لكنهم كانوا أيضاَ ومنذ البداية لا ينتظرون أي حلّ عربي لسبب بسيط وهو أن بعض العرب وبكل أسف هم من أشعل فتيل الأزمة فيها ولهذا كان الطلب دائماً أن يكون الحسم المحلي سريعاً لهذه المسألة دون أن يفقدوا الثقة بما تفكّر به الحكومة والقيادة أو بما يخططان له فهما الأقدر من وجهة نظر شباب طرطوس على قراءة المشهد بحكمة وموضوعية..‏‏‏

في طرطوس، كما في أي مكان آخر من سورية، شكّك الجميع ومنذ البداية بقدرة العرب ممثلين بـ (الجامعة العربية) على اتخاذ أي قرار أو حتى إدانة أي عمل تخريبي دون الاستئذان من أسيادهم الأمريكيين والصهاينة بل ذهب البعض إلى الاحتجاج على استضافة المراقبين والصرف عليهم ودلالهم بهذا الشكل دون أن يخرجوا على قناعتهم بأن القيادة الحكيمة هي الأقدر على تقييم الموقف واتخاذ الأنسب لما فيه مصلحة السوريين..‏‏‏

أحد الشباب وقف بحضرة المراقبين العرب بطرطوس قال وبالحرف الواحد: أهلاً بكم ضيوفاً أعزاء وأخوة أشقاء ممثلين للشعب العربي لا للجامعة العربية، نحن لا ننتظر أي شيء من هذه الجامعة لأن قرارها صهيوني..‏‏‏

ومرّت الأيام وانتهت المهلة الأولى على مهمة المراقبين في سورية وبدأ الترقّب لدى الجميع لما سيتضمنه التقرير المقدّم إلى اجتماع وزراء الخارجية (العرب) يوم الأحد 22/1/2012 وجاء هذا اليوم وحمل التقرير همّ الإنسان السوري بدقة وموضوعية وشخّص الوجع السوري بنزاهة وأمانة لكن هذا الأمر لم يعجب بعض الأعراب فأعلن قسم منهم سحب مراقبيه وغيّر البعض الآخر مواقفه وفرض المال القطري – السعودي نفسه على قرار جامعة الأعراب ظنّاً منهم أن لحظة زوال سورية من خارطة العروبة قد حلّت ولكن نقول لهم وكما قال رئيسنا المفدى الدكتور بشار الأسد: ( خسئتم.. هيهات منّا الهزيمة)!‏‏‏

لا أعرف اسمه ولكنه اقترب منّي ليقول: اكتب يا أستاذ، نحن في سورية نعشق الشهادة في سبيل الله والوطن والسيد الرئيس بشار الأسد، ماذا يظنون أنفسهم؟ ليسوا أكثر من حشرات في هذا الزمن والأميركي عندما ينتهي من نهب ثرواتهم سيدوسهم كما فعل مع غيرهم وساعتها لن نرحمهم ولن يكون بإمكاننا أن نسامحهم فليذهبوا منذ الآن إلى مزبلة التاريخ..‏‏‏

في مكان آخر كان الحديث موجهاً لنا كإعلاميين ولوفد لجنة المراقبين وقف أحدهم بكلّ شموخ السوريين وقال لهم: أنا أخ شهيد، شهادته كانت فخراً لنا ولجميع السوريين ولكن لماذا قتلوه؟ كان على حاجز لمنع تهريب المازوت أي أنه كان يدافع عن لقمة عيش الإنسان السوري وهذا يؤكد بربريتهم وأنهم بعيدون كل البعد عن الشعارات التي يطلقونها وهم ليسوا أكثر من لصوص وقطاعي طرق ومارقين وسننتهي منهم قريباً بإذن الله..‏‏‏

كان إلى جواري عدد لا بأس به من الشباب بمختلف الأعمار نستمع إلى المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية والمغتربين الأستاذ وليد المعلم يوم الثلاثاء الفائت واختلفت ردود الأفعال على ما قاله السيد الوزير فالبعض ما زال معجباً بهدوء أعصابه والبعض الآخر كاد أن يخرج من ثيابه وبحماسته الوطنية يريد إشعال النار في عين كل متآمر على سورية مهما كانت الفاتورة باهظة وثالث لا يريد التمديد للمراقبين العرب لكن القناعة المشتركة في النهاية تلاقت عند مقولة راسخة لدى شباب سورية وهي أن السيد الرئيس بشار الأسد يعرف ما يفعل ولا يعمل أي شيء إذا لم يكن في صالح الشعب السوري..‏‏‏

في هذه الأزمة حضر نوع آخر من الوعي وقد لمسناه حقيقة على أرض الواقع بعد أن رفعت وزارة الاقتصاد ثمن أسطوانة الغاز وقد تعمدت أن أسأل أكثر من مواطن وخاصة من شريحة الشباب عن هذا الموضوع فكان الإجماع هو أن علينا كمواطنين أن نتحمّل جزءاً من الأعباء التي تتحملها الدولة وأن نصمد في هذه الظروف الصعبة وقال أحد الشباب: ( لو وصل سعر اسطوانة الغاز إلى ألف ليرة فهذا ليس مشكلة رغم ثقله على جيب المواطن شرط أن تذهب الألف ليرة إلى خزينة الدولة أما أن يتسلق بعض المتطفلين على الأزمة لابتزاز المواطن فهذا الأمر مرفوض ومن يفعل ذلك كأنه من المخربين والمتآمرين على سورية وإن ظهر منّا أي احتجاج فهو على هذا الجانب وليس على السعر الرسمي لأسطوانة الغاز)..‏‏‏

استوقفت أحد الطلبة المسجلين في جامعة البعث -قبل قرار التأجيل - واستغربت إصراره على تقديم الامتحانات في جامعة البعث رغم إتاحة الفرصة له بنقل امتحانه إلى اللاذقية فقال: هل نساعدهم على تحقيق أهدافهم، هم يريدون إغلاق الجامعات ولكن خسئوا، سنبقى في جامعاتنا ولسنا أغلى من أولئك الأبطال الذين قدموا أرواحهم في سبيل ان يبقى الوطن...‏‏‏

بمثل هؤلاء الشباب وبمثل تلك الأمهات الصابرات المكابرات يبقى الوطن عزيزاً ويبقى المستقبل ملك السوريين مهما كثر النباح في الخارج ومهما اعتقد المتغطرسون أن أموالهم تعوّض النقص فيهم فهم بنظر السوريين ليسوا إلا دمى رخيصة لا في نظرنا وإنما حتى في نظر أسيادهم..‏‏‏

من يسمح لنفسه برفع سعر البيضة ولو ليرة زيادة فهو خائن بحكم السوريين ويساهم بتأخّر الحلّ ومن يحتكر سلعة هو كذلك وقد عُرف عنّا نحن السوريين أننا نصبر على الجوع وعلى البرد ولا نصبر على المستغلين ولا على الإهانة..‏‏‏

حمى الله سوريتنا وفرّج عليها كربها لتعود إلى مكانتها في مقدمة ركب الحضارة الإنسانية شامخة بأبنائها عزيزة بمنعتها واثقة بتلاحم أبنائها خفّاقة الرايات بهدي حادي مركبها السيد الرئيس بشار الأسد.‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية