تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


زيــوت الاســتهلاكية

اقتصاد
الأحد 7-2-2016
كتب محرر الشؤون الاقتصادية:

لا شكَّ أنَّ للفساد دوراً يؤديه في كل زمان ومكان، ولا شكَّ أيضاً أنَّ للضمير دوراً مقابلاً يؤديه كذلك في محاولات من كل طرف ومنذ الأزل لترجيح كفته على الآخر.‏

الجميع يطالب بكشف التلاعب والتجاوزات ومعاقبة المخالفين عبرة لغيرهم لردع كل من تسول له نفسه أن يخالف، وفي ذلك حق وعدالة شعرية، ولكن ماذا لو نفذ كل ما نطالب به، ألن تكون جمالية المسألة في تحقق مطالبنا؟‏

الغريب أن تكون مؤسسات القطاع العام التي تعنينا ونمتلكها -مهما كانت هناتها- هي الهدف، وأن تكون ما تقدمه من خدمات هي هدف كذلك، لأن الأذى هنا لا يقف عن حد مؤسسة عامة بعينها، بل يتسع ليشمل شريحة المتعاملين معها والواثقين بها، لكونها جزءاً من قطاعهم العام، أي إن وظائف من يعملون فيها على المحك وسمعة مؤسستهم كذلك، في حين أن كلمة واحدة لا تطلق ضد أي جهة من القطاع الخاص مهما فسدت وتلاعبت وتجاوزت لأن الخاص «خاص»..!!‏

المؤسسة العامة الاستهلاكية نموذج لما يمكن أن تتعرض له مؤسسات الدولة، فالاستهلاكية اشترت زيوتاً كثر الطلب عليها وحللتها في مخابر معتمدة من القطاع العام وليس الخاص، وتحديداً في مخابر مديرية التموين والتي جاءت نتيجتها مطابقة للمواصفات القياسية السورية، وتم تنظيم اتفاقات الشراء وإجراء التحاليل المخبرية اللازمة والتي بينت بمجملها أن المادة مطابقة للمواصفات مرة أخرى، أي إن المادة طابقت المواصفة المعتمدة مرتين في مخبر التموين الحكومي..!!‏

ولكن شكاوى وردت على المادة وتم ضبط عينة مخالفة لدى فرع حمص أوجب الطلب إليه وقف بيعها وتجميعها بمستودعاته وعدم التصرف بها مع تحميل المورّد كامل المسؤولية القانونية والمادية عن المسألة، ولدى قيام مندوبي الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ومديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق بسحب عينة من المادة من أحد منافذ المؤسسة بمدينة دمشق، تبين بأنها غير مطابقة للمواصفات والمعنيين بالقضية حالياً موقوفون لدى الجهات المختصة والموضوع قيد التحقيق من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والمؤسسة بانتظار النتائج.‏

المؤسسة الاستهلاكية كما أي جهة في القطاع العام معنية بطعامنا وغذائنا، لا يمكن لها أن تطرح أي مادة للبيع في منافذها إلا بوجود شهادة تحليل من مخابر الحكومة، تؤكد مدى مطابقتها للمواصفات القياسية السورية، وبالتالي فهي غير مسؤولة عن النتائج، لأن النتائج تتحملها المخابر المعتمدة، ولكن الفكرة هنا هي أن ما حدث اليوم للاستهلاكية يمكن أن يحدث لغيرها كالمخابز والمياه وسواها.‏

لا بد لنا نحن من حماية قطاعنا العام، ولا بدَّ لنا من الحفاظ عليه، لأنه نهاية لنا ومن يعمل فيه منّا ولأنه وببساطة وقف إلى جانبنا في الأزمة بخلاف من حصّل الأرباح وهرب.. أي إن الحفاظ عليه واجب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية