|
قاعدة الحدث ويعود تاريخ مدينة الاسكندرون إلى الزمن الفينيقي حيث كانت قد بنتها الملكة السورية الفينيقية «حيرا» فوق بروز صخري يمتد في مياه البحر المتوسط وكانت هذه المدينة تسمى «ميريا ندروس» وكانت محطة للقوافل ومرفأً تجارياً للسفن الفينيقية التي تفرغ حمولتها القادمة من المتوسط لتأخذ طريقها ثانية إلى أسواق بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس، وهي تعتبر آنذاك ثاني أهم مرافئ بلاد الشام بعد بيروت. في حين كانت إنطاكية عاصمة سورية قبل الفتح الإسلامي في القرن السابع، وما زالت حتى الآن عاصمة للكنائس السورية المسيحية. كما كانت في العصر الهلنستي عاصمة الإمبراطورية السلوقية وفي العصر الروماني تصاعدت أهميتها حتى صارت ثالث أكبر مدينة في العالم بعد روما والإسكندرية. تعرضت أنطاكية في التاريخ الإسلامي للغزو عدة مرات من الروم والصليبيين، وبعد انتهاء الحروب الصليبية صارت تابعة لحلب. كما وقعت تحت النفوذ الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى قبل انتقالها تحت السيطرة التركية سنة 1939م. انطاكية مقر للبطركيات المسيحية في الشرق وإنطاكية من أوائل المدن التي نشأت فيها المسيحية وازدهرت، وفيها تم لأول مرة تسمية تلامذة المسيح «بالمسيحيين»، كما أصبحت بوقت مبكر مقراً للعديد من البطركيات المسيحية في الشرق حيث كانت مقراً لتبشير مار بطرس الذي جعل منه تراث المدينة أول أسقف لها. وفي القرن الرابع اعتبرت كنيسة إنطاكية أهم كنائس المسيحية بعد روما والإسكندرية، كما إنها أول مدينة في الامبراطورية بنت كاتدرائية فخمة (بين 327- و341) مع قبة من الموزاييك. تقع مدينة انطاكية التاريخية على الضفة اليسرى لنهر العاصي على بعد 30 كم من شاطئ البحر المتوسط بناها سلقوس نيكاتور سنة 301 ق.م وسماها أنطاكية على اسم أبيه أنطيوخو، ولحبه لها أمر بأن ينقل إليها كل ماله قيمة من أنقاض مدينة أنتغونا المهدمة، ومنح سكان المنطقة حقوقاً مساوية لليونانيين ليشجعهم على الانتقال إليها، فعاشت المدينة سنين ازدهار طويلة حتى صارت درة الممالك السلوقية وعاصمتها من البحر المتوسط إلى حدود الهند. ولأنطاكية أهمية كبيرة لدى المسيحيين في الشرق، فهي أحد الكراسي الرسولية إضافة إلى روما والإسكندرية والقسطنطينية والقدس وبطاركة الطوائف التالية يلقبون ببطريرك أنطاكية: السريان الأرثوذكس، الأرثوذكس الشرقيين، السريان الكاثوليك، الروم الكاثوليك، السريان الموارنة. وقد اتخذ العرب المسلمون مناطق لواء اسكندرون قواعد عسكرية للدفاع عن الثغور ومطاردة المعتدين، مايدلل على ان الأتراك ليس لهم تاريخ في هذه المناطق. وفي العهد العثماني كان اللواء ولاية مركزها مدينة أنطاكية، وأثناء مراسلات حسين مع مكماهون عام 1915 احتوت هذه المراسلات على إشارات واضحة بتبعية المناطق الواقعة جنوب جبال طوروس إلى الدولة العربية الموعودة ومع بدء الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان تبع لواء إسكندرون ولاية حلب، كما كان في اتفاقية سايكس - بيكو داخل المنطقة الزرقاء التابعة للانتداب الفرنسي بمعنى أن المعاهدة أكدت عليه أرض سورية. وفي معاهدة سيفر عام 1920 اعترفت السلطنة العثمانية المنهارة بعروبة منطقتي الاسكندرون وقيليقية (أضنة ومرسين) وارتباطهما بالدولة العربية (المادة 27). في 29 أيار 1937 أصدرت عصبة الأمم قراراً بفصل اللواء عن سورية وعُين للواء حاكم فرنسي. في 15 تموز 1938 دخلت القوات التركية بشكل مفاجئ للرأي العام السوري إلى مدن اللواء واحتلتها وتراجع الجيش الفرنسي إلى أنطاكية. وفي سنة 1939 قامت فرنسا بالتنازل عن لواء إسكندرون لتركيا لضمان تأييد تركيا للحلفاء، مخالفة بذلك صك الانتداب الذي يوجب على السلطة المنتدبة الحفاظ على الأراضي التي انتدبت عليها، وقامت تركيا بتغيير التركيبة السكانية للإقليم وفرضت اللغة التركية على سكانه، وظل هذا الأمر مصدراً للتوتر في العلاقات بين تركيا وسورية طيلة عقود عديدة. |
|