تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سوري باعتراف العثمانيين في معاهدة سيفر 1920 وقانون الانتداب « 5 » وضحية اتفاق سري فرنسي تركي « 1938»

قاعدة الحدث
الخميس 29-11-2012
 إعداد: سائد الراشد

سورية لم ولن تتنازل يوماً عن شبر من أراضيها المغتصبة من قبل أي من أنواع الاحتلال، وهذا يشمل لواء اسكندرون الذي تم سلخه عن سورية وأطلق عليه الأتراك اسم «محافظة هاتاي»،

ويتألف من اسكندرون وأنطاكية والسويدية والعديد من المدن والقرى السورية الأصل التي تآمر الأتراك مع الفرنسيين عام 1939 حيث تشابكت المصالح وتم سلخ اللواء عن الوطن السوري وضمه إلى تركيا.‏

‏‏

\لواء اسكندرون هو أرض سورية معترف بها دولياً، ففي اتفاقية سايكس بيكو كان اللواء داخل المنطقة الزرقاء التابعة للانتداب الفرنسي، فالمعاهدة اعتبرته سورياً، وفي معاهدة سيفر عام 1920 اعترفت السلطنة العثمانية بعروبة منطقتي الاسكندرون وكيليكيا (أضنة ومرسين) وارتباطهما بالبلاد العربية «المادة 27»، وبعد توحيد الدويلات السورية التي شكلها الانتداب الفرنسي، ضُم لواء اسكندرون إلى السلطة السورية المركزية، وتم صدور قانون التنظيمات الإدارية رقم 5 ل.ر تاريخ 10 كانون الثاني 1936، فأصبح لواء اسكندرون محافظة كبقية المحافظات السورية.‏‏

لم ترض الحكومة التركية بمعاهدة سيفر ورفضت بنودها وأثارت خلافاً مع فرنسا على مصير اللواء، ورفع الخلاف إلى مجلس عصبة الأمم، ونظر المجلس في الخلاف التركي- الفرنسي على مصير لواء اسكندرون بعد استقلال سورية، وعرضت تركيا اقتراحها بإنشاء دولة مستقلة فيه شأن دولتي سورية ولبنان، وإنشاء اتحاد فيدرالي بينهما، وقد صرح وزير خارجية تركيا في هذه الجلسة بأن ليس لتركيا أي مطمع سياسي في بسط سيادتها على لواء الاسكندرون، وهي لا تقصد من وراء إثارة هذه القضية سوى حماية حقوق أبناء جنسها والمحافظة على حياتهم وحرياتهم، وكانت الحكومة التركية قد ادعت في المذكرة التي قدمتها إلى مجلس عصبة الأمم، أن الأتراك في اللواء مضطهدون من قبل السلطة المحلية، وطلبت سحب القوات الفرنسية منه، وقد كذب مندوب فرنسا هذا الادعاء، واقترح مقرر المجلس السيد ساندلر إرسال مراقبين دوليين إلى اللواء لمراقبة الحالة فيه، وقد عارض مندوب تركيا هذا الاقتراح لمعرفته أنه سيكذب ما تدعيه تركيا.‏‏

عادت اللجنة إلى جنيف وهي تحمل الانطباعات التالية: أن الأتراك لا يشكلون سوى 20 % من السكان في لواء اسكندرون، أن الغالبية العظمى من سكان اللواء بما فيهم نسبة كبيرة من الأتراك تعارض ضم اللواء إلى تركيا، إن الأتراك في اللواء ليسوا مضطهدين من جانب السلطة، وفي أثناء وجود لجنة المراقبين الدوليين في اللواء جرت محادثات ثنائية بين فرنسا وتركيا، انتهت إلى اتفاق بين الدولتين على جعل اللواء منطقة مستقلة ذاتياً في نطاق الوحدة السورية، على أن تكون مجردة السلاح، وأن تضمن عصبة الأمم استقلال كل منهما.‏‏

أصدرت عصبة الأمم القرار الأممي المشؤوم بفصل اللواء عن سورية الأم وتعيين حاكم فرنسي عليه في 29 أيار 1937، وعلى مدى عام كامل عمل الحاكم الفرنسي في اللواء على تهيئة الوضع للمخطط السري بين تركيا وفرنسا، استقبلت تركيا التسوية التي تمت في جنيف بالارتياح التام، واعتبرته نصراً للسياسة التركية، وتم الإعلان عن تشكيل قانون انتخاب ودستور للواء، انتهت اللجنة التي شكلها مجلس العصبة من وضع قانون الانتخابات، وهو يقضي في جملة مواده، على كل ناخب أن يسجل نفسه أمام لجنة الانتخابات الدولية في الطائفة التي ينتسب إليها، وليس له أن يسجل نفسه في غير طائفته، وقد اعترضت تركيا على هذه المادة، وطلبت أن يسمح لكل ناخب أن يسجل نفسه في الطائفة التي يختارها، وتم تعديل هذه المادة على النحو الذي طلبته تركيا، وكانت تبغي استمالة عدد كبير من الطوائف غير التركية وتسجيلهم في قائمة الطائفة التركية عن طريق الرشوة والإغراء والضغط على الناخبين بالاتفاق مع السلطة الفرنسية، وقد لبت فرنسا جميع المطالب التركية التي من شأنها تسهيل الدعاية التركية، وقام الموظفون الفرنسيون وضباط الاستخبارات بنشاط واسع في الأوساط غير التركية لضمها إلى الحركة الكمالية، كما سمحت فرنسا لتركيا بفتح قنصلية عامة لها في أنطاكية، وأخرى في مدينة الاسكندرون، وأصبح القنصل العام في أنطاكية هو الذي يسير دفة الأمور في كل ما يتعلق بشؤون الانتخابات، كما سمحت فرنسا لتركيا بإدخال أكثر من خمسة وعشرين ألف ناخب من تركيا إلى اللواء، وقامت السلطة المنتدبة بتزويدهم بتذاكر هوية لوائية سورية، يستطيعون بموجبها ممارسة حق الانتخاب.‏‏

افتتحت اللجنة الدولية 3 أيار 1938 عمليات تسجيل الناخبين، ورغم كل محاولات التآمر والتزوير فقد حقق العرب تفوقاً على الأتراك، وأصبحت نتائج التسجيل في اللواء مضمونة لمصلحة العرب، وإن فشل الأتراك بالحصول على الأغلبية أصبح مؤكداً لاشك فيه، دفع الأتراك إلى اتفاق سري مع فرنسا في جنيف في 10 آذار 1938 تعهدت فرنسا بموجبه ضمان أغلبية تركية في مجلس اللواء المقبل، وبما أن هذا التعهد لم ينفذ فقد قامت تركيا بحشد قواتها على حدود اللواء، وأنذرت فرنسا باحتلاله إن لم تف بتعهداتها، ما دفع فرنسا للقيام بإجراءات لتنفيذ تعهدها الذي أعلنته صراحة على لسان السيد غارو مندوبها في اللواء في اجتماع عقده في دار بلدية أنطاكية لزعماء الطوائف العربية والأرمنية، ثم قامت فرنسا بإعلان الأحكام العرفية والطلب إلى اللجنة الدولية لوقف عمليات تسجيل الناخبين لمدة خمسة أيام بحجة اضطراب حبل الأمن وقد مددت ثلاثة أيام، اتخذت فرنسا خلالها إجراءات تعسفية تضمن غلبة العنصر التركي.‏‏

التزوير وتشويه الحقائق والسياسة التي اعتمدتها فرنسا دفعت مندوبها السيد «روجيه غارو» لتقديم استقالته من منصبه، فأسندت فرنسا وظيفته إلى الكولونيل «كوله»، وعندما استأنفت اللجنة الدولية أعمال التسجيل، قامت الميليشيات التركية بتطويق مراكز التسجيل في الأحياء والقرى العربية، ومنعت الناخبين من الوصول إليها، واعتقال كل من يحاول كسر الطوق، فاحتجت اللجنة الدولية على هذا الإجراء وأذاعت البلاغ رقم 14 تاريخ 9 حزيران 1938، جاء فيه أن اللجنة أوقفت أعمال التسجيل بقصد السماح باستتباب الأمن، كما قامت اللجنة بإرسال برقية إلى السكرتير العام لمجلس العصبة، أبلغت فيها عن أعمال الضغط التي مارستها السلطة ضد العرب، وإرغامهم على التسجيل في القائمة التركية أو التخلي عنه، وعلى أثر هذا الموقف الذي وقفته اللجنة، والذي يفضح تآمر فرنسا وتركيا على حرية الانتخابات، وتزويرها لمصلحة الأتراك، فقد أعلنت فرنسا وتركيا قطع علاقاتهما مع اللجنة وطلبتا من مجلس العصبة استدعاءها، وأخذت الصحافة والإذاعة التركية تلفق الأكاذيب ضدها، وتتهمها بالتحيز للعرب ضد الأتراك.‏‏

أرسلت اللجنة الدولية تقريراً مفصلاً إلى السكرتير العام لعصبة الأمم أظهر تفوق العرب عددياً على الأتراك، كما ذكرت فيه أعمال الضغط والإرهاب التي مارستها السلطة ضد العرب في 30 تموز 1938 جاء فيه:‏‏

1- وجه المندوب الفرنسي الكولونيل «كوله» دعوات إلى رؤساء الطوائف، يطلب منهم أن ينصحوا أبناء طوائفهم بالامتناع عن التسجيل، أو التسجيل بالقائمة التركية.‏‏

2- عين في المناصب الإدارية أشخاصاً ينتمون إلى الحزب التركي.‏‏

3- أوقف أعضاء المكاتب الانتخابية من ممثلي الطوائف وزعماء الأحزاب غير التركية.‏‏

4- خلافاً لقرار فرض الأحكام العرفية تركت حرية التنقل بين القرى لدعاة الحزب التركي.‏‏

5- أوقفت الصحف العربية عن الصدور دون الصحف التركية.‏‏

بتاريخ 23 حزيران 1938 اتفقت فرنسا وتركيا على إدخال 2500 جندي تركي إلى اللواء للمشاركة في حفظ الأمن مع القوات الفرنسية، ثم شكلت لجنة عليا مشتركة فرنسية تركية، للإشراف على الانتخابات، فقامت هذه اللجنة بعد كل عمليات الترهيب ضد العرب، وألغت قيد 2080 ناخباً عربياً، وأضافت 947 ناخباً إلى القائمة التركية وسمحت لـ 500 ناخب بالتصويت للقائمة التركية، ولم تجر انتخابات لأن القائمة التي رشحها الأتراك أعلن فوزها بالتزكية، وقد نال الأتراك بموجبها 22 مقعداً في المجلس النيابي وأعطي لبقية عناصر اللواء 18 مقعداً.‏‏

بالرغم من أن فرنسا وتركيا عملتا على تتريك اللواء بصورة تامة، وفرض السيطرة التركية عليه، وقطع كل صلة له مع سورية والعرب، فإنه بقي من الوجهة القانونية والدولية منطقة مستقلة، وأنه جزء من سورية التي تدير شؤونه الخارجية، ويرتبط معها في العملة والجمارك والبريد، وأن عصبة الأمم لم تعترف بكل الإجراءات والتغييرات التي أحدثتها فرنسا وتركيا باللواء، والمخالفة للقوانين والأنظمة التي وضعتها.‏‏

الوضع غير المعترف به دولياً كان يقلق تركيا ويجعل وضع اللواء غير مستقر على المدى البعيد، فاستغلت تركيا الوضع المتأزم في أوروبا لضم اللواء إليها بصورة نهائية، وفي 15 أيار 1939 بدأت المباحثات الفرنسية التركية بين ماسيفلي ووزير خارجية تركيا «سراج أوغلو» وانتهت في 23 حزيران 1939 بالتوقيع على اتفاقية تقضي بإلحاق لواء الاسكندرون بتركيا، وأصبح يشكل الولاية 63 من الجمهورية التركية، ولم تتضمن هذه الاتفاقية أي نص يحفظ لأكثر من 130 ألف عربي بقوا في اللواء حقوقهم اللغوية والثقافية، على النحو الذي نصت عليه المادة 7 من اتفاقية أنقرة لعام 1921 بالنسبة لأتراك اللواء، وقد سمح فقط لمن أرادوا الهجرة، بنقل أموالهم المنقولة معهم، وتصفية أملاكهم غير المنقولة خلال ثمانية عشر شهراً من تاريخ توقيع الاتفاقية، ولكن الحكومة التركية وضعت العراقيل التي من شأنها الحيلولة دون تطبيق هذه المادة، فوضعت يدها على أملاك الذين هاجروا من اللواء وصادرتها.‏‏

لواء اسكندرون منطقة سورية تم ضمها إلى تركيا في 29 تشرين الثاني 1939، إلا أن سورية لم تعترف بذلك‏‏

ولا تزال تعتبره جزءاً من أراضيها وتظهره كذلك على خرائطها، وهو حق سوري لا تنازل عنه ويجب استرجاعه.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية