تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


معركتنا ضد «القاعدة» والإرهاب.. وسننتصر

شؤون سياسية
الخميس 29-11-2012
 عبد الحليم سعود

أكثر ما يثير الاستغراب والاستهجان في سلوك وأداء الإعلام الخليجي «السعودي والقطري» المتواطئ والمرتزق والشريك في سفك دماء السوريين هو تجاهله التام للنشاطات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم القاعدة وفروعه في سورية

خلال العشرين شهرا الماضية من عمر الأزمة، فالمفخخات والتفجيرات الانتحارية وعمليات الاختطاف والذبح بالسكاكين والتمثيل بالجثث والفتاوى التحريضية والتكفيرية ضد أبناء المذاهب والطوائف الأخرى، واللعب على الوتر الطائفي والمذهبي والعرقي من أجل إحداث فتن وحروب أهلية كلها أعمال قذرة قامت بها التنظيمات والجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الدولة والمجتمع في سورية، وهي تجربة مريرة عاشها وما يزالون الأشقاء في العراق بكل مفرداتها خلال نحو تسع سنوات من عمر الاحتلال الأميركي لبلدهم، ورغم كل ذلك يصرّ هذا الإعلام الأفّاق والمنافق على إطلاق كلمة ثوار وثورة على كل ما يجري في بلدنا وكأن القتل والتخريب والفوضى والإرهاب والفتنة هي مفردات ثورية يجب أن نسلم بها دون نقاش، ويعتبر كل من يموت في سورية اليوم متظاهرين سلميين لا يحملون سوى أغصان الزيتون والحمام الأبيض.‏

هذه البضاعة الفاسدة التي يكتوي بجحيمها السوريون اليوم هي ـ للأسف الشديد ـ بضاعة عربية «سعودية» بامتياز، صدرت إلينا بعد أن تم تصديرها للعراق في وقت سابق لتدميره وتقسيمه، وها هي اليوم بضاعة رائجة في اليمن والصومال وليبيا..والقائمة تطول، باعتراف الدول الغربية نفسها التي حشدت عديدها وعتادها وذهبت منذ عام 2001 إلى أفغانستان لمكافحتها لكنها فشلت، غير أن الأكثر استهجانا ومدعاة للسخرية هو أن تتجاهل الدول الغربية المكتوية بنار القاعدة وفروعها وجود هذا التنظيم الإرهابي على الأرض السورية بعد أن سهّلت مروره ودعمه وتمويله وتسليحه ونقل أفراده ومرتزقته من كل بقاع الأرض إلى بلدنا عبر بوابتها الأطلسية لمنطقتنا «تركيا»، وبعض الأحزاب والتنظيمات الأصولية المنتشرة في دول الجوار.‏

سلوكيات السعودية وقطر وتركيا وغيرها من المشيخات والدول التي تدعم وتغطي الإرهاب في سورية لم تعد تفاجئ الشعب السوري بالنظر للتاريخ المشين الذي تتميز به جميع هذه الأنظمة في التعامل مع شعوبها أو مع بقية شعوب الأخرى، فالنظام السعودي ـ على سبيل المثال ـ نشأ على القتل والإرهاب والدماء بعد أن تسلح آل سعود بفكر تكفيري متخلف بعيد كل البعد عن الإنسانية والحضارة والتطور وأنشأوا مملكة تتاجر بالعروبة والإسلام وبيت الله الحرام في مكة دون خجل أو حياء، في المقابل لا يبدو نظام آل ثاني في المحمية القطرية أكثر من أداة تنفيذ أميركية بريطانية إسرائيلية مهمتها تمويل المشاريع الأجنبية التي تستهدف وحدة العرب وسيادتهم واستقلالهم، وهذا ما يفسر ارتماء آل ثاني في أحضان الكيان الصهيوني وعلاقته الوثيقة جدا بالولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، والأغرب من ذلك علاقته القوية بتنظيم القاعدة وحركة الأخوان المسلمين وحركة طالبان الأفغانية، أما تركيا وريثة الدولة العثمانية المتعفنة.. مبتكرة الخازوق وصاحبة المجازر القياسية بحق الأرمن وبقية شعوب المنطقة، فتحاول جاهدة دون جدوى استعادة بعض ماضيها الاستعماري البغيض من خلال استغلال الأزمة السورية وتقوية بعض المتطرفين والإرهابيين التابعين لها من أجل الفوز بحصة من «كعكة» الشرق الأوسط الكبير التي تطمح أميركا وحليفتها إسرائيل الفوز بكامل حصصه منفردتين.‏

لكن الأكثر مدعاة للصدمة والغثيان هو سلوك فرنسا التي وضعها حفيد غورو «فرانسوا هولاند» في موقع لا تحسد عليه بسبب جهله وضعف خبرته السياسية ونزعته الاستعمارية الحاقدة، ففي سابقة غريبة لم تحدث منذ الاجتياح الألماني لباريس في الحرب العالمية الثانية حيث شكلت ألمانيا حكومة فرنسية عميلة لها واعترفت بها، اعترف هولاند بائتلاف المعارضة السورية المصنع في الدوحة بأوامر من واشنطن وتل أبيب ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري، رغم علمه بخلفية هذا الائتلاف وما يرتكبه على الأرض السورية عبر عصاباته المسلحة من أعمال إرهابية بحق الشعب السوري، كما وافق على تعيين سفير لهذا الائتلاف في عاصمة كنا ننظر إليها كواحة للديمقراطية والحرية والتعايش، فإذا بهولاند الطائش يحوّلها دفعة واحدة إلى وكر للتآمر ومنبرا للإرهابيين الذين يتلذذون بقتل السوريين ويستميتون على استجلاب واستحضار التدخل الأجنبي والعسكري في شؤون بلدهم.‏

وبناء على ما تقدم لم تعد المعركة الدائرة على الأرض السورية معركة بين الشعب والدولة في سورية وبين قوى الإرهاب والتطرف المصدرة إلينا فحسب، بل باتت معركة من يؤمنون بالحرية والحوار والإصلاح والتطور ضد من يؤمنون بالتزمت والانعزال والتخريب والتخلف، معركة المسلمين أصحاب الرسالة السماوية السمحاء ضد المتأسلمين أصحاب الفكر التكفيري التخريبي، معركة العروبيين أصحاب الفكر والحضارة والثقافة والعلم ضد برابرة الصحراء ورثة داحس والغبراء وأصحاب الفيل من ضحايا التعصب والجهل والأمية، معركة الاستقلال والتحرر ضد التبعية والعبودية، معركة من يؤمنون بالوطن والدولة ومؤسساتها ضد من يرتهنون لمشيخات العار وممالك النفط والفجور والعمالة، معركة شرف وبطولة وتضحية وعلى أبطال قواتنا المسلحة الباسلة أن يحسموها بأي ثمن دفاعا عن شعبهم وخياراته الوطنية الأصيلة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية