تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من ظرفاء دمشق (57).. مؤســس المســـرح الشــعبي

ســاخرة
الخميس 29-11-2012
 نصر الدين البحرة

يستطيع المتابع لأعمال الفنان الرائد حكمت محسن، أن يلاحظ النفس المسرحي فيها، حتى تلك التي كتبها سلسلة للاذاعة والتلفزيون. ولابد أن نذكر هنا «نهاية سكير» المسرحية التي كتبها خصيصاً للتلفزيون. إلا أن مسرحيته «صابر أفندي» تقف وحدها في سمت مسرحي لافت.

هناك مسرحية أخرى أشار إليها المؤرخ الأستاذ أكرم حسن الحلبي في كتابه «ظرفاء من دمشق» هي «بيت للإيجار» ومع الأسف فلم تقدر لي مشاهدتها، وقد عرضت على المسرح الشعبي في سوق ساروجة عام 1960.‏

صابر أفندي ومشكلة السكن‏

ويبدو أن مسألة السكن و استئجار البيوت و ما يتبع ذلك من مشكلات كانت تلح على ضمير الأستاذ محسن، و هو الذي عانى ما عانى في هذا المجال، ولذلك، فإنه عالج هذا الأمر، كما في «صابر أفندي»، فنحن هنا إزاء مالك غني شره للمال، و مستأجر فقير، لا يستطيع دفع أجرة المنزل، فيوقع المالك الحجز على ما لديه، مما جعله يضطر إلى تأجير بعض غرف المنزل، فينتبه له صاحب الملك الجشع، ويشتجر الصراع.‏

العمل الوحيد المطبوع‏

مهما يكن من أمر، فإن حفاوة الأستاذ العلبي بمسرحية «صابر أفندي» وتكريسه عدة صفحات لها في كتابه، تؤكد أنها أهم من حيث المضمون والشكل من «بيت للإيجار»، من جانب آخر، «صابر أفندي» هي العمل الوحيد المطبوع لحكمت محسن.‏

مطبعة الترقي وسينما فريال‏

نشرت «صابر أفندي» في كتيب يقع في 96 صفحة، وطبعت في مطبعة الترقي سنة 1958، أي بعد عام من تقديمها للمرة الأولى. وأطرف ما في الأمر، أن هذه و هي من أقدم المطابع في دمشق، وكانت في حي القيمرية، هي اليوم أطلال. كما أن المسرح الذي قدمت على خشبته سنة 1957، هو مسرح «سينما فريال»- و كانت تدعى سابقاً: أمبير- وكان في أول طريق الصالحية هدم أيضاًَ، وقام مكانه مبنى ضخم أصم.‏

مسرحية تعالج بالفكاهة و الجد‏

ويختصر الأستاذ العلبي هذه المسرحية كالتالي: هي مسرحية من ثلاثة فصول تعالج بالفكاهة و الجد حالة إنسان بائس يدعى (صابر أفندي) وتبين صراعه مع الدائنين وصاحب الدار، و تظهر الظروف السيئة التي تواجه ابنه في العثور على عمل يساعده به.‏

على جسر من الضحك‏

وفي تعليق الأستاذ ممتاز الركابي الذي كان رئيس شعبة التمثيليات في الإذاعة، في خمسينات القرن الماضي يقول: إن المسرحية حرصت إلى أبعد حد على المضي بعاطفة الإنسان على جسر من الضحك. من لذة إلى ألم، و من ألم إلى لذة، وقام حوارها على سخرية عميقة بلغت في بعض الأحيان حد الفلسفة، وقد بلغت دون شك مرحلة من مراحل الفلسفة الشعبية المتواضعة التي تجد فيها الجماعات العادية، ما ينتهي بها إلى أقصى ما تريد قوله بشجاعة ودون مواربة‏

المسرحية الشعبية لأول مرة‏

وينهي الأستاذ الركابي تعليقه بتهنئة المؤلف،لأنه أوجد المسرحية الشعبية السورية الناجحة لأول مرة، و تعمق في فهم الناس المحيطين به، ولا سيما الطبقة التي تصارع الأهوال الاجتماعية لتعيش. وهذه رسالة إنسان نقي العاطفة.‏

مأوى العجزة و (300) تمثيلية‏

ثم ماذا بعد؟ يذكر صاحب كتاب «ظرفاء من دمشق» أن أعمال حكمت محسن الإذاعية زادت عن ثلاثمئة تمثيلية منوعة. ويضيف أن «مأوى العجزة» هي اخر ما كتب، وقد أنهى منها حلقة واحدة، وتوفي بعد أن كتب أربع صفحات من الحلقة الثانية.‏

الزجال حكمت محسن‏

على كل حال، ولكي تكتمل صورة هذا الفنان الكبير الذي كان تمثال صغير: (Relief) يمثله، وضع عند مدخل هيئة الإذاعةو التلفزيون، ثم أزيل مع تمثال صغير اخر للمخرج التلفزيوني الراحل سليم قطاية، فلابد من الإلمام ببعض أزجاله و منها:‏

يا شاربين الكاس‏

من أنقى خوابينا‏

من عاطر الأنفاس‏

معصورة معانينا‏

بحور الذكا والعلم‏

خضناها سوامرات‏

وأفلاك الكون بالحلم‏

شفناها شبه ذرات‏

وطفنا في ليل العتم‏

ولفيناها الكائنات‏

وعدنا لنعطي الحكم‏

من سالف ليالينا..‏

يا شاربين الكاس‏

يا جامع جيوش الجان‏

ومهاجم معاقلنا‏

من معبد سليمان‏

معقودة محافلنا‏

وفي يميني الصولجان‏

منقوشة وبطلاسمنا‏

فحولك إلى دخان‏

من هزة بأيادينا‏

يا شاربين الكاس‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية