|
هآرتس الأمر الذي دعا السلطة الفلسطينية للتشبث بهذا الموقف وجعله شرطاً مسبقاً للدخول في المفاوضات مع اسرائيل. لكن ما جرى مؤخرا أحدث منعطفا في العلاقات بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة. تقدم رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض باقتراح لتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة تكون حماس إحدى مكونتها دون الإخلال بسيطرتها على القطاع، وذلك حتى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها في نهاية العام الحالي علما بأن مثل تلك الخطوة ستفضي إلى وقف للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين لأن كلا من حماس وإسرائيل ترفض أي تفاوض مباشر بينهما. لذلك فإن صناديق الانتخابات هي التي ستجعل الناخبين الفلسطينيين يحسمون واقع الخلاف القائم منذ خمس سنوات فضلا عن تعزيزها لديمقراطية السلطة الفلسطينية. ثمة أقوال يرددها الإسرائيليون باستحالة الالتزام باتفاقية سلام ذات أهمية مع سلطة فلسطينية على رأسها محمود عباس المنتهية ولايته منذ عام 2009 وفياض المعين من قبله، الأمر الذي يؤكد رفضهم لإجراء المفاوضات مع حكومة مؤقتة قد يكون لحماس تمثيل بها يفوق فتح. في عام 2010 قدمت الولايات المتحدة مساعدات مالية للفلسطينيين تزيد عن نصف بليون دولار، ومن غير المؤكد أن تستمر بدفع مثل هذا الحجم من التمويل لحكومة فلسطينية تضم وزراء من حماس خاصة وأن الجمهوريين في مجلس النواب سيناهضون استمرار أوباما في عملية التمويل لتلك الحكومة، ويعارضون تشكيل مثل هذا الائتلاف لأنه يتعارض مع مبادئ خارطة الطريق التي تقدمت بها الرباعية الدولية. قد يكون اقتراح تشكل تلك الحكومة مناورة من قبل السلطة الفلسطينية وربما جاء الإعلان عن ذلك بالتنسيق مع إدارة أوباما بغية إضفاء الشرعية على حماس وإبعادها عن العنف وتجديد محادثات السلام ووضع الكونغرس في مأزق يدفع به للموافقة على التمويل بهدف إنجاح الجهود المبذولة لإقامة دولة فلسطينية تتزعمها حكومة فياض. من غير المرجح الأخذ بالسيناريو الأخير ذلك لأن فياض ليس في عجلة من أمره لمنح الشرعية لحماس، كما وأن الخلافات الحزبية في أميركا بشأن الدعم الطويل الأمد للأنظمة الإقليمية الاستبدادية سيجعلنا نثق بأن السلطة الفلسطينية والإدارة الاميركية لن يسعيا إلى إدخال الكونغرس في هذا الاختبار. منذ أمد قصير، أصدرت السلطة الفلسطينية بيانا بمقاطعة بعض المسؤولين في القنصلية الأميركية بالقدس إضافة لبعض الصحفيين الأميركيين وصرح مسؤول بارز في حركة فتح لوكالة فرانس برس بأن السلطة الفلسطينية ستقاطع المؤسسات الأميركية (ومنها الوكالة الدولية للتنمية) وستحجم عن قبول أي مساعدات أو أموال منهم. لقد كان على القيادة الفلسطينية أن تأخذ درسا من الفيتو الذي أشرعته أميركا في مجلس الأمن بشأن قرار يدين إسرائيل ومن الأحداث الجارية في الشرق الأوسط وتضاؤل الدور الاميركي فيه خاصة بعد سقوط نظام الرئيس حسني مبارك الأمر الذي يثير الشكوك حول الاستمرار بتقديم المساعدة لتحقيق الأهداف القومية الفلسطينية. بالتزامن مع ما نشهده من تدن للدور الاميركي في الشرق الأوسط نلاحظ بأن دولا أخرى أبدت دعمها الشفوي للدولة الفلسطينية ووجهت انتقاداتها لإسرائيل حيث نجد أن أكثر من 6 دول من دول أميركا الجنوبية اعترفت بدولة فلسطين وان حكومات كل من فرنسا وإسبانيا وإيرلندا قد رفعت مستوى تمثيلها الدبلوماسي مع الفلسطينيين، ومن المتوقع أن تحذو حذوهم دول أوروبية أخرى. علما بأنه من بين الـ 14 دولة التي أيدت مشروع قرار مجلس الأمن وبعض الدول الإقليمية لهم علاقات تجارية واسعة مع إسرائيل مثل ألمانيا والبرازيل والهند. في ضوء هذا الدعم الذي تتلقاه السلطة الفلسطينية وانحسار الدور الأميركي في عملية السلام مع ازدياد تلاحمه بإسرائيل. هل يمكن للسلطة الفلسطينية أن تتخذ قرار استراتيجيا بالتحرك بعيدا عن الولايات المتحدة وتجعل جل اعتمادها على كل من أوروبا والأمم المتحدة؟ ربما تلجأ السلطة الفلسطينية إلى قطع علاقاتها مع الولايات المتحدة بغية تهدئة الغضب الشعبي إزاء الفيتو الاميركي . لكننا نرى أنه من الصعوبة بمكان أن تتمكن السلطة الفلسطينية من الإقدام على تلك الخطوة وتحمل عواقبها على المدى البعيد سواء أكان ذلك على الصعيد المادي أو السياسي على الرغم مما نشاهده من تطور اقتصادي كبير في الضفة الغربية لكن لن يغرب عن بالها بأن عدداً كبيراً من الفلسطينيين يعتمدون على المساعدات الخارجية التي يُقدم أغلبها من الولايات المتحدة. مازال المفاوضون الفلسطينيون يعولون على الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل وإقناعها بانتهاز الفرص لعقد اتفاقية سلام مع الفلسطينيين. في نهاية المطاف نتساءل إن كانت حماس ستقبل بعرض فياض علما بأن استطلاعات الرأي للفلسطينيين قد رجحت فوز فتح على حماس الأمر الذي يجعل الأخيرة ليست في عجلة من أمرها لتضع نفسها في موضع الاختبار. بقلم جوناثان شاشتر |
|