|
الجولان في القلب
ما وادي «حوا» وادي «حوا» يتشكل نتيجة لعدة مسايل مياه بدءاً من ارتفاع 750 متراً عن سطح البحر جنوب شرق قرية الدلوة، وهو من أطوال الأودية الجولانية وأشهرها، حيث يبلغ طوله ما يقارب 35 كم، وتبلغ مساحة حوضه نحو 160 كم2 حسب ما أشار إليه السيد عز الدين سطاس في كتاباته «تاريخ الجولان» وهو الباحث فيه، ويصل عمقه في بعض المناطق إلى مئة متر، ويقع ضمن سلسلة جبلية تبدأ من قرية «السنابر» وصولاً إلى بحيرة طبرية حيث يصب فيها. ويبلغ انحدار وادي حوا ما يقارب 32 متراً وأبرز مظاهر هذا الوادي وجود «الغدران» العميقة ذات الصخور وخاصة في المناطق المحاذية لقرى السنابر وأبو فولة والعسلية وجرابا وصولاً إلى البطيحة.. ويحيط بهذا الوادي أشجار الدفلة الكثيفة إضافة لنباتات العليق والتين، والعنب، والرمان والأشجار الحراجية التي تكاد تغطي مجراه، وفي الشتاء تصبح مياه وادي «حوا» غزيرة وتظهر فيها الشلالات عند بعض المنحدرات.. تصب في وادي «حوا» أعين كثيرة منها على سبيل المثال لاالحصر «عين الدورة» ذات المياه التي لا أجمل منها ولا أعذب، وهي غزيرة الجريان وتشكل رافداً أساسياً لوادي «حوا» وهناك ينابيع عديدة تصب فيه وهي أيضاً دائمة الجريان.. ونحن عندما نقول عن الينابيع دائمة الجريان لكون منطقة الجولان هي من أغزر المناطق بالمياه صيفاً وشتاءً.
روافده كما قلنا يبدأ وادي حوا من الجنوب الغربي للقنيطرة على ارتفاع 750 متراً، وترفده مياه عين السمسم، وقرية نعران، وتزداد غزارته من جراء رفده بعدة أودية غرب الفاخورة التي ترتفع 600 متر ويتابع مجراه ليرفده كما قلنا نبع «الدورة» متجهاً نحو الجنوب الغربي من قرى عسلية وجرابا وصير الخرفان وسهل البطيحة ليصب في بحيرة طبرية وهو دائم الجريان كما قلنا.. تعيش في وادي حوا حيوانات برية كالغزلان والثعالب، والقطط، والجوارح والأسماك، والخنازير إضافة إلى نمو النباتات المتنوعة، وتربى فيه المواشي التي كان يرعاها سكان المناطق المحاذية لمجراه.. على جانب وادي «حوا» الشمالي وبالقرب من قرية السنابر جرت معارك ضارية بين القوات العربية السورية والقوات الصهيونية المعتدية في حرب حزيران عام 1967 وادي «حوا» من الوديان والينابيع التي استولت القوات الصهيونية الارهابية على مياهها وهي كثيرة وكثيرة جداً.. ذكريات لا تنسى يقول عطية أبو أحمد: إن وادي «حوا» الذي يمر بالقرب من قريتنا لنا فيه ذاكرة لا يمكن أن ننساها... ذاكرة لا يمكن أن يمحوها زمن الاحتلال.. فكم من مرة كنا نسبح في مياهه.. وكم مرة أكلنا من التين الذي كان ينبت على جوانبه وهو تين بري وكم مرة أكلنا من عناقيد العليق التي كانت تكلل مجراه. ويتابع أبو أحمد قائلاً: كنا مجموعة من الشباب اليافع ننزل إلى الوادي نتسامر ونقضي وقتاً مازلت أذكر دقائقه حتى الآن، لأنها ذكريات لا تنسى. صعوبة في اجتيازه بدوره هيثم أبو هايل أشار إلى الصعوبات التي كان هو وزملاؤه يلاقونها عندما يريدون قطع هذا الوادي بغية الذهاب إلى قرية مجاورة.. قائلاً: كنا في فصل الشتاء نجد صعوبة في اجتياز الوادي خاصة عندما كنا نود الذهاب لزيارة الأقارب في قرية عسلية ومجامع كونهما القريتين اللتين تقعان في الجهة الجنوبية من الوادي.. وكنا نخشى وجود الوحوش الضارية، لكون الوادي كثيف الأشجار.. ويتابع قائلاً: كنا في الصيف ننزل إلى وادي «حوا» ونمارس السباحة وكم من واحد منا كاد أن يغرق فيه لكنها ذكريات جميلة أرجعتموني فيها إلى أكثر من خمسين عاماً إلى الوراء بعد أن شاب شعري، وكبر سني، لكن أقول لكم وبكل صراحة إنني أحدث أولادي وأحفادي عن كل شيء من أرض جولاننا الغالي، وبخاصة ذكريات هذا الوادي الجميل، وكل ما أتمناه من الله العلي القدير أن يكتب لي الحياة وأعود إلى أرضي وقريتي التي أرى عودتها بين ليلة وضحاها. صورة جميلة أبو كفاح يتذكر ذاك الوادي ويقول: ذات يوم حاولت اجتياز مياهه في شتاء قارص، لكن مياهه قد جرفتني إلى مسافة لابأس بها، ولولا العناية الربانية لكنت أحد الضحايا الكثر الذين جرفتهم مياه وادي «حوا» لكن وبكل صراحة عندما تعيدونني إلى تلك الأيام أجد نفسي الآن واقفاً على إحدى ضفافه واتأمل مجراه الذي يصدر انغاماً لا مثيل لها إنها سنفونية قائمة بحد ذاتها. ويتابع مضيفاً: أنا أتذكر كيف كنا نتسلق أشجار الوادي ونحن نقوم بعملية «تحويش» للتين والحصرم والعليق.. الخ هذه الصورة الجميلة تمثل الآن أمامي وأنا في كل صباح أعيد شريط الذكريات أمام أولادي وأحفادي لأن هذا الشريط يجب أن يظل ماثلاً فينا جميعاً حتى يعود الجولان كاملاً غير منقوص.. وإن هذا اليوم ليس ببعيد عندها سنعيد الذكريات الخوالي وإن أصبحنا في عمر يتجاوز السبعين عاماً. |
|