|
معاً على الطريق الإصلاح الذي يضطر له نظام تحت ضغط الاحتجاجات والمظاهرات هو تنازل وإشهار ضعف وركض لاهث للحاق بحركة تاريخ متسارع لا ينتظر أحداً، وقد كان بالإمكان الاكتفاء بخطوات تواكب حركة التاريخ قبل أن تتراكم أخطاؤه ويصل إلى لحظة انفجار حتمية. وهناك إصلاح آخر متواتر ومستمر ومتصاعد، وهو بطبيعة الحال متأنٍ وأحيانا بطيء، لكن الأهم أنه يتيح معياراً لقياس اليوم بالأمس مع ترجيح لامتيازات الحاضر عن الماضي وضخ الأمل بالغد، بدل انسداد آفاق يوحي أن لاشيء مهماً سيفقده اليائس. لكن لفتني أن أقلاماً وكتابات تحيل مسار إصلاحات مثابرة إلى خشية من مد الثورات العربية كأن يعنون أحدهم مقالاً عن إجراء سياسي أو اجتماعي بـ «بركات البوعزيزي»، ما يعني أن أصحاب هذه التحليلات يحاولون اختطاف هذه الإصلاحات وجعلها رهينة أو حبيسة الإصلاح الاضطراري المنفر والمتشكل كعلامة ضعف، بدل قراءته في سياقه الإيجابي كمشروع إصلاح يحاول التوفيق بين تطوير المؤسسات وحماية الحريات وتحسين الاقتصاد مع المحافطة على كيان الدولة وأمن الوطن. لكن كل اختطاف وله مصالح مستهدفة، وقد يكون أحدها الرغبة في تفصيل الإصلاحات على مقاس مصالح شخصية أو حتى فئوية، تماماً، كما يحدث عندما يتم أحياناً تبني ودفع سياسات حكومية بما يضمن مصالح صغيرة لفئة ضئيلة، لكن هذه المرة من وجهة نظر معارضة. وقد يكون الهدف أخبث وأخطر، كتحفيز عنفوان بعض المؤثرين في دائرة القرار لإيقاف حركة الإصلاح - ولو مؤقتاً - إلى حين مرور أعاصير الثورات، ما يعني بالاستدلال أن الارتهان تحول إلى رهان على زيادة الاحتقان ورفع درجة حرارة الاستقبال على أمل الوصول إلى حالة الغليان. |
|