تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رسائل الطبيعة

حدث وتعليق
الأثنين 14-3-2011م
عبد الحليم سعود

في كارثة جديدة من كوارث الألفية الثالثة التي أذهلت العالم وأصابته بالصدمة والرعب، هز زلزال عنيف صباح الجمعة الساحل الشرقي لليابان فتبعته أمواج مد عاتية(تسونامي)

جرفت كل ما في طريقها على اليابسة من منازل وسيارات وسفن محدثة دمارا يفوق التخيل، وموقعة الضحايا بالآلاف، ومتسببة بخسائر غير مسبوقة ستأخذ من العملاق الياباني وقتا طويلا ليتم تجاوزها والتعافي من تداعياتها المحتملة.‏

من حيث المبدأ، يمكن وضع هذا الزلزال وما نجم عنه من موجات تسونامي مدمرة في إطار النشاط الطبيعي لطبقات الأرض في منطقة يطلق عليها حزام النار، وقد سبق أن شهدت المنطقة أحداثا مماثلة خلال العقد المنصرم، ففي 26 كانون الأول عام 2004 ضربت أمواج عاتية ناجمة عن زلزال عنيف في المحيط الهندي السواحل الغربية لأندونيسيا وجزيرة سريلانكا فخلفت دمارا كبيرا وأوقعت مئات آلاف القتلى وملايين المشردين، ولكن في المقابل يمكن النظر للزلزال وما تبعه من تطورات كارثية، على أنه رسائل احتجاج قاسية للطبيعة ضد ما يطالها من تخريب متعمد من قبل الانسان، والذي كانت أبرز تجلياته ظاهرة الاحتباس الحراري المسؤولة ـ حسب الكثير من العلماء ـ عن معظم الكوارث التي يشهدها العالم حاليا من فيضانات وأعاصير وحرائق وبراكين وزلازل..إلخ.‏

ولعل ما يرفع منسوب وحجم الكارثة أن اليابان هذا العملاق العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والبشري، وصاحبة الحساسية الخاصة تجاه الزلازل، لم تستطع أن تفعل شيئا في مواجهة قوى الطبيعة الغاضبة، حالها في ذلك حال الولايات المتحدة وبلدان أخرى متطورة وقفت عاجزة في مواجهة كوارث مماثلة، وهذا ما يفرض على العالم بدوله الغنية قبل الفقيرة أن يبادر بالسرعة القصوى للوقوف مع اليابان لوقف التدهور الجاري وخاصة في المحطات النووية التي باتت إشعاعاتها تهدد ملايين اليابانيين بالموت والتشرد، وبعدها يجب الاسراع بمعالجة الأسباب التي أدت لمثل هذه الكوارث المتكررة التي وضعت العالم أمام كم كبير من الأسئلة المصيرية حول مستقبله، ولاسيما بعد أن عجزت كل القمم السباعية والعشرينية والكونية في الوصول إلى اتفاق يلزم الكبار بخفض غازاتهم المضرة بالبيئة، ومساعدة الدول الصغيرة والنامية في مواجهة ما يصيبها نتيجة ذلك.‏

إن ما يحدث في اليابان حاليا يضع العالم أمام مفترق طرق خطير، لعل أخطر ما فيه ما يتعلق بالمحطات النووية التي طالها التدمير، فهل يبادر العالم إلى قراءة الرسائل الغاضبة للطبيعة بحيث يراجع سياساته في كيفية حماية الأرض من جشعه وتخريبه أم يستمر الصراع للهيمنة على مقدرات الأرض دون الالتفات إلى أهمية الانسان الذي يعيش فوقها..؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية