تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مجزرة الحولة...مَنْ المستفيد؟

عن موقع Land Destroyer
ترجمة
الأربعاء 30-5-2012
ترجمة رنده القاسم

حتى قبل وصول مراقبي الأمم المتحدة إلى الحولة السورية، الواقعة شمال غرب حمص قريبا من الحدود اللبنانية و التي تتدفق عبرها و بحرية ميليشيات متطرفة و نقود و أسلحة منذ شهور، طالبت الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و فرنسا “المجتمع الدولي” للتحرك ضد الحكومة السورية ، عبر جهود أخيرة لتبرير المزيد من التدخل في دولة شرق أوسطية.

و دعا رئيس الخارجية الفرنسي الجديد، لورينت فبيوس، مجموعة “أصدقاء سورية” المريبة للاجتماع ثانية بغية مناقشة إجراءات جديدة ضد سورية. بينما دفعت كل من فرنسا و المملكة المتحدة لمنح المزيد من الدعم للمعارضة السورية، التي تبين استخدامها لتكتيكات إرهابية تتضمن تفجيرات عشوائية و خطف و تعذيب و قتل المدنيين وفقا لكل من الأمم المتحدة وHuman Rights Watch. ومنظمة هيومن رايتس ووتش وزعمت المنظمات الإعلامية الغربية أن قصف الجيش السوري هو المسؤول عن موت تسعين شخصا ، العدد الذي أكده مراقبو الأمم المتحدة الذين وصلوا إلى الموقع فيما بعد. و لكن صدرت تقارير مناقضة عبر وسائل الإعلام الخليجية تقول بأن القتل، و خاصة في حالة الأطفال، كان عن طريق سكاكين استخدمتها فرق الموت. و الصور التي عرضتها كل من المعارضة و شبكة الأخبار الحكومية السورية سانا تظهر العائلات المقتولة ممدة على الأرض ضمن مبان سليمة، نتيجة وحشية تضم سلاحا ناريا قريب المدى و أسلحة بيضاء كما ورد في الشبكات الإخبارية الخليجية. و سانا مستمرة في القول : إن الفظاعات ارتكبت من قبل فرق موت معارضة، الأمر الذي كانت دائما تؤكده خلال الاضطرابات. غير أن الغرب و حلفاؤه كان يقدم الصراع و يحول الروايات بشكل يعتم فيه على الفظائع الفاسقة المرتكبة من قبل قوات التمرد الوكيلة عنه.‏

بعد وصول مراقبي الأمم المتحدة مباشرة إلى الحولة أعلن ما يسمى “الجيش السوري الحر” تخليه عن خطة الأمم المتحدة للسلام و هذا يعني، وفقا لخلايا التفكير الغربية ، المناداة بإنهاء وقف إطلاق النار و استئناف العنف لإسقاط الحكومة السورية. و بالطبع كان من الواضح أن فرق الموت، لا القصف ، من أودى بحياة غالبية المقتولين في الحولة بغض النظر عن مصدر المعلومات. و السؤال الذي يطرح نفسه، و كما في كل جريمة رهيبة، من هو المستفيد؟ من هو المستفيد من مذبحة علنية لعائلات كاملة و من ثم نشر صور هذا العمل عبر العالم؟؟ من المستفيد من القفز مباشرة للاستنتاج حتى قبل وصول مراقبي الأمم المتحدة للمشهد؟ هل هي المعارضة السورية التي خسرت تكتيكيا و أخلاقيا و خطابيا مع الانكشاف المستمر لخلفيتها المتطرفة، و ارتباطاتها مع القاعدة التي اعترف بها حلفاؤها في البنتاغون، و القائمة المتزايدة من الفظاعات التي تقوض الثقة بقدرتها على قيادة سورية إلى مستقبل يختلف عن المأساة التي سقطت بها ليبيا؟و من الواضح أن المعارضة السورية، المتأرجحة بين الهزيمة الكاملة أو استلام سيل من الأسلحة الإضافية أو ربما دعم عسكري من قبل الناتو، ستكسب الكثير من إثارة غضب الشعب السوري حول الحولة و تحميل الحكومة مسؤولية ذلك، و جعل المأساة سبباً لحرب يسعى لها الغرب منذ شهور.‏

بعد كشف سلسلة من أكاذيب المعارضة السورية ووسائل الإعلام الغربية، هذا و لم نتحدث عن المقدمات المضللة التي استخدمت لتسويق الحربين على العراق و ليبيا أمام العالم، أليس من المنطقي الشك بالرواية التي نسجت بسرعة و انتشرت(في ساعات) من قبل الغرب؟انه الغرب ذاته الذي جلس بتراخ بينما كان الجيش السوري الحر يقود تفجيرات إرهابية عبر البلد، اعترف هو نفسه بالقيام بها. و حينها أين كان الغضب و النداءات لاتخاذ الإجراءات؟ و أين كان شجب الأمم المتحدة لمجموعات مقاتلة ذات تمويل أجنبي تستهدف مدنيين عمداً؟‏

من الواضح أنه مع مذبحة الحولة ، سنجد أنفسنا عند مفصل حرج آخر حيث يجب أن تقوم شعوب العالم بالوقوف ضد المصالح الماكرة الساعية لحرب تزعم إيقاف عنف قامت هي نفسها بالتخطيط له والعمل على استمراره.‏

 بقلم توني كارتالوتشي باحث جيوسياسي و كاتب مقره في تايلاند.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية