تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سماء سورية... تعبق برائحة المسك ودماء الشهداء

مجتمع
الأربعاء 30-5-2012
ابتسام هيفا

صباح سوري جديد من صباحات هذا الوطن أمطر دما على رؤوس أهله الآمنين وترابه الغالي لتغتال الأيادي الآثمة حياة أطفال في عمر الورود ذنبهم الوحيد في هذه الحياة أنهم سوريون ..

دون رأفة أو رحمة بقلوب أمهات وآباء لم يدركوا صباح هذا اليوم أن القبلة التي طبعوها على وجنات صغارهم هي الأخيرة وان ابتسامة هؤلاء قبل الرحيل هي ابتسامة الوداع الأخير .. صباح سوري برائحة دماء الشهداء الطاهرة بعضهم كان متوجها إلى عمله وآخرون إلى مدارسهم وجامعاتهم فاستغل الإرهابيون وقتا تشهد فيه هذه المنطقة ذروة الازدحام.. تختنق الكلمات على شفاهنا أمام هذا المشهد المؤلم...جثث متفحمة.. أشلاء جثث لأطفال ونساء ورجال..‏

دموع رجال تذرف نارا وجمرا سيحرق كل المتآمرين على أطفال قتلوا وهم نيام في بيوتهم وآخرين ذاهبين إلى مدارسهم.. صرخات الأمهات تتعالى على جسد تفحم وآخر أصبح أشلاء..‏

اليوم سماء المدن السورية تعبق برائحة المسك ودماء الشهداء من هؤلاء الأطفال الذين كانوا ذاهبين لروضاتهم وموظفين لعملهم ومدرسين وطلاب لمدارسهم وشيوخ لجوامعهم وكادحين وفقراء لتحصيل لقمة عيشهم. فالذي يجول بعينيه ساحة القزاز اليوم وقد تحولت إلى محرقة بشرية سيرى النساء والرجال والشيب والشباب وقد توزعت جثثهم وتناثرت أجسادهم على أطراف الطريق وعلى جدران المباني السكنية المنهارة وبقايا السيارات المتفحمة فأي منهم لم يصل الى مقصده اليوم وأي منهم ليس له أن يعود عند المساء الى أحضان أسرته.. و كم هي كثيرة الأسر التي ربما لم تدرك أن عماد بيتها أو ضفة حنانه أو معقد أمله قد أمسى شهيدا من شهداء هذا الوطن.‏

اليوم وفي الوقت الذي تلذذتم فيه أيها المجرمون الغادرون بسفك دماء الأبرياء بثقافتكم الإجرامية هرع المئات من أبناء الوطن الشرفاء بعد أن سمعوا خبر عملكم الدنيء من شباب وشابات ونساء ورجال وكهول إلى مراكز التبرع بالدم لتقديم دمائهم وكل ذلك لأنهم يريدون سورية قوية منيعة على كل مخططاتكم القذرة ويؤمنون أن سورية جسد واحد وقلب واحد..‏

ثوان قليلة هي عمر الموت ..لكنه عمر من الألم والوجع ما ينتظر أحبة الشهداء فماذا يقول دعاة الدين والحرية لأم تنتظر عودة طفلها جائعا..وماذا يقول شيوخ الفتنة والضلالة لطفل ينتظر عودة أمه من عملها لتساعده في تبديل ثيابه وكتابة وظائفه .. وآخر ينتظر عودة والده حاملا له ما لذ وطاب فيهرع لاستقباله معانقا إياه..‏

غزيرة دموع الرجال اليوم على أطراف هذه المحرقة البشرية وكم هي عزيزة دموعهم.. عال نحيب النساء هناك وأي القلوب تصبر تحت وطأة عويل الأمهات وهن ينتحبن على فلذات قلوبهن..‏

تزدحم الأسئلة اليوم في عقول السوريين على امتداد الوطن حول هذه الديمقراطية المزعومة التي يروج لها أعداء سورية عبر هذه الممارسات الدموية ولكن لا إجابة لأي منها فكيف يتوافق أن يبزغ فجر من الحرية كما يدعي هؤلاء القتلة من بين أشلاء سوريين أبرياء ترامت على الطرقات دون وازع من دين أو أخلاق... أي حرية هذه وقد اجتمع المتآمرون ليختاروا بأنفسهم مصير شعب كامل دون الأخذ بخيارات هذا الشعب الأبي الرافض لكل محاولاتهم الخسيسة.‏

لقد صمدت سورية في وجه إرهابكم فكان هذا جزاؤها.. أطمئنكم سورية اهتزت لكنها لم ولن تسقط ..سلسلة من التفجيرات الإرهابية الدامية كي تحرمونا من فرحة النصر.. النصر على مخططاتكم وتآمركم .. آلمكم وحدتنا الوطنية وتمسكنا بوطننا وقائدنا فانشغلتم بتنفيذ ما تسمونه الربيع العربي وبذلك وفرتم الأمن لعدونا إسرائيل فأطفالهم يعيشون في هناء وكبارهم يتمتعون بأرضنا ويستجمون على شواطئنا.. ويعلنون على بناء المستوطنات هنا وهناك في فلسطين المحتلة.. هل هذا ما يسعدكم ويدخل الفرحة لقلوبكم .‏

لكن نقول لكم دماء السوريين مقدسة تسفك مرة تلو الأخرى لتزهر كل ربيع أجيالا جديدة تغدو مثلا في حب الوطن وقوة الانتماء رغم أنوف مشايخ النفط وعبدة الدولار من أصحاب النفوس الرخيصة. نعم أيها الجبناء والمتآمرون مهما فجرتم ودمرتم وحرقتم واغتصبتم وقتلتم وقطعتم وفتكتم وذبحتم فلن تلين عزيمة طفل أو شاب أو أم أو شيخ..‏

اليوم تتعانق أرواح الشهداء من مسلمين ومسيحيين وتتشابك أيديهم في الجنة.. وتعبق السماء برائحة المسك ودماء الشهداء .. أما انتم فإلىجهنم وبئس المصير..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية