تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الملتقى الثالث للنحت على الخشب... التقاء.. وتنوع ثقافي مكمنه جذوع الشجر.. وفكر البشر

ثقافـــــــة
الأربعاء 30-5-2012
مانيا معروف

تظهر ثقافة الشعوب.. من خلال فنونها وحضارتها التي تكرس لها الأجيال المتعاقبة ليكون الإنسان هو الحامل والحاضن والفاعل في ارتقاء الحالة الفنية والثقافية.. عامة يأتي ملتقى النحت الثالث والمقام في قلعة دمشق.. كتحد وإصرار على بقاء وهج الفن متقداً رغم الظروف الأليمة التي تمر بها بلادنا..

ومخرزاً يفقأ عين الإعلام الخارجي المضلل والذي يحجب جماليات هذا البلد وأهله.. رغم كل شيء أتى الفنانون المشاركون من سبع دول أجنبية.. ليتم الملتقى.. وتبدأ أيامه ودورته الاعتيادية مثل كل عام.. وتصدح أصوات آلاتهم التي تعمل على قطع ضخمة من الخشب ليخرج منها عمل فني راق.. يخلد عبورهم ذات يوم.. ويؤكد على أن الفن حالة إنسانية لا تحدها حدود.. ولا تقيدها قيود.. طالما الفن لأجل الفن.. حضارة... ويؤكد الفنان التشكيلي أكثم عبد الحميد.. بأن استمرارية الملتقى ماهي إلا تأكيد على استمرارية الفن والإبداع السوريين، فالإبداع لم ينقطع عبر التاريخ عن تواجده بين الناس.. وعدم انقطاعه لا في السلم ولا الحرب والدليل على ذلك المنتج والكنوز والآثار التي خلفتها الحضارات، يدخل عبد الحميد في كواليس التحضير للملتقى و المتابعة الحثيثة والدائمة منه على أن يتم هذا الملتقى رغم كل الظروف يقول متابعاً استضفنا في هذا الملتقى 10 نحاتين 3 من سورية و7 أجانب ، خلال مسيرتي الفنية نظمت ما لا يقل عن 18 ملتقى دولياً ومحلياً، وكان هذا الملتقى من أصعبها.. مع استغرابي من كثافة الفنانين الذين راسلناهم وقمنا بدعوتهم وبادروا بإرسال معلومات عنهم وطلب المشاركة.. ولكن بعد الموافقة بحضورهم.. يقدمون اعتذارات نتيجة ضغوطات ما عائلية- أو صورة مشوهة تصلهم من إعلامهم عن الوضع في سورية .. وكأنها ساحة حرب، في نهاية الأمر أكد سبعة فنانين معروفين حضورهم..‏

ولي كلمة في ذلك.. وهي شكر على إصرارهم على المجيء والمشاركة. رغم معاناتهم للوصول لسورية من ناحية التنقل.. حيث اضطروا للتنقل عبر 3 أو 4 مطارات ليصلوا في الوقت المحدد.. وهذا كله نتيجة الحصار المفروض على سورية.. وهم يستحقون كل شكر.. على جانب آخر قمت بإنشاء صفحة على الفيسبوك وأسميتها / ملتقى دمشق الثالث للنحت/ وهي صفحة يومية تواكب الملتقى بكل تفاصيله.. من خلال تحميل صور تلتقط للفنانين أثناء عملهم.. لحظة بلحظة .‏

التنوع الثقافي هو هاجسنا‏

وقبل مجيء الفنانين المشاركين.. قمت بتصوير قلعة دمشق.. من داخلها وخارجها ودمشق عامة ليكونوا انطباعاً ايجابياً.. وتهيؤاً نفسياً.. لحين قدومهم...‏

يومياً أقوم ببث صور الملتقى.. عبر صفحته الفيسبوكية.. التي يتابعها عدد كبير من الفنانين والمتابعين.. الذين أصبحوا يتساءلون عن حقيقة ما يرونه.. وما يسمعونه..‏

بالنسبة لأعمال الفنانين وخياراتهم يكمل عبد الحميد بالقول: ميزة هذا العام عن السنوات السابقة.. حرية اختيار الموضوع مفتوح للفنانين، ولم تحدد فكرة بعينها.. اعتبرت كل فتان قادماً من ثقافة مختلفة يحمل فكره الجمالي الخاص به... سوف يطرحه بعد عمله النحتي ما يهمنا في هذا المنتج الفني/ التنوع/ عبر تنوع ثقافاتهم.‏

أما عن تفاصيل العمل النحتي الذي يقدمه عبد الحميد فيحدثنا عنه متابعاً.. فكرة عملي استوحيتها من الأحداث التي نعيشها الآن، لاأستطيع أن أدير ظهري لما يحدث، لذلك أردت من خلال عملي النحتي أن يعبر عن المرحلة التي نمر فيها، والعمل عنونته بـ / فوضى/ الفوضى من خلال الانفلات الشامل.. الفوضى الشاملة.. بدورة الحياة بكل أبعادها وهو عبارة عن كتلتين قائمتين متوازيتين في إطار يضمها اسم سورية، الداخل يمثل كتباً متناثرة.. والتناثر أتى نتيجة الانفجار والانفلات.. الذي يودي بالحجر والبشر بعثرة الكتب وعدم توازنها يعبر عما نعيشه .‏

حوارية.. الفن‏

الفنان التشكيلي مصطفى علي.. والذي كان يضع الرتوش ما قبل نهاية العمل... وفي أجواء الملتقى المفعمة بالنشاط والحيوية.. يقول الأفكار موجودة.. المادة وشكل المادة يفرض الحوار بين الفكرة وشكل وحجم القطعة التي أعمل عليها.. أنا غيرت الفكرة لأني اخترت كتلاً مختلفة تحتاج لفكرة مناسبة لها. خياري هو خمس قطع من الحجم المناسب لتشكيل كتلة فراغ وشكل الفراغ قائم على هذه القطع تركت فيها مجالاً للهواء ليأخذ حيزه في هذه القطع.. وقد تكون متحركة، ولكن ليس الغاية أن تكون متحركة..‏

الهدف هو الزحزحة الموجودة وعدم تراكب القطع فوق بعضها / الخلخلة/ هي نتيجة تداخل الهواء مع الجسم المرئي الذي هو / الجسد الخشبي/ المادتان مع بعضهما/ الهواء.. الفراغ/ الذي ليس له شكل .. كما هو معلوم المنحوتة هي شكل في الفراغ، ولكن السؤال .. هل تنحت الفراغ أم تنحت الشكل؟ الفراغ شكل ولكن يحدده جسم فيزيائي مرئي علاقة الشيء المرئي باللامرئي..‏

ويضيف علي.. أنا أستند لعملية التكرار الموجودة في تاريخنا.. الأشياء تتكرر دائماً نتيجة فكرة وجود الفلسفة الشرقية.. التكرار موجود في عملي ولكني كسرته بالحجوم والقياسات المختلفة للكتل، فالتكرار غير تراتبي.. من خلال القطع الخمس المتراكبة ولكن بدون التصاق والثقوب الدائرية.. كنحت غائر أتت لتمثل وتلخص ذاكرة العمل... المستمدة من تاريخنا العريق وفي تساؤل حول تتبع كل فنان لقواعد محددة.. في الفن يقول علي: الفن ليس له قواعد ثابتة، الفن له أسس يبني الفنان فنه وموهبته عليها. يخرج من هذا الإطار ويبني له أسساً. لكل عمل فني له أسسه وقيمه..‏

أما العمل الثاني فيلخص مقولته.. بأنه حوار بين جسدين،، والعمل النحتي الأول حوار بين الفراغ والوجود، العملان لهما علاقة بالفراغ ومحيطه..‏

قراءة العمل وفلسفته يجيب مصطفى علي.. كل إنسان يقرأ العمل بطريقته وحسه، قد يكون هناك وحدة تجمع بين كل الناس التي تقرأ العمل الفني النحتي..‏

أما عن الملتقى وأجوائه والتفاعل بين ثقافات ومشارب مختلفة من خلال الفنانين فيرى الفنان مصطفى علي: الجميل حين نزور أي بلد نراه مختلفاًَ، حين نذهب للصين.. نرى فكراً ونتاجاً وفناً مختلفاً.. وهكذا تتنوع الثقافات.. في بلاد أخرى متباعدة.. الشخصية المتفردة هي ميزة يكسبها الإنسان من البيئة والتاريخ والمحيط الذي يحتضنه.. أهمية الملتقى تكمن في التقاء الثقافات والفنون..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية