تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كراسي المقهى وكراسي السلطة

لبنان
معاً على الطريق
الأربعاء 30-5-2012
نبيه البرجي

لأن سورية تصرخ : كفى..!

كلنا أصبحنا ندرك همومنا، وهواجسنا، وتطلعاتنا، فلا ندع المسافة بيننا تصبح أكثر فأكثر مسافة الدم إن لم نقل.... مسافة العدم!‏

كلنا أمام سورية المعذبة معذبون، وكلننا أمام سورية الضائعة ضائعون، وكلنا أمام سورية المحطمة محطمون، مثلما نحن أمام سورية الرائعة رائعون، ولم يعد الوقت يسمح، ولا الأرض تسمح، بأن نحّول الخطأ إلى جدار، أو إلى هوة ننزلق إليها كلنا ودون استثناء.‏

ولقد بتنا نعرف من هم الذين يرفضون الحوار، ونقول بحوار الأخ للأخ، لا حوار الند للند ولا حوار العدو للعدو، فكلنا سواسية في القلب، وفي عشق منازلنا، وفي الشكوى كما في الحلم، فلماذا نؤخذ بالذين حولوا الصرخة إلى ملهاة، والذين باسم كبرياء سورية وعظمة سورية، لم يدعوا بلاطاً إلا وتسكعوا فيه، ولم يتركوا شاشة إلى وزرعوا فيها الكراهية، وأحياناً زرعوا فيها التفاهة، ولم يتركوا رصيفاً، مقهى، ملهى ليلياً إلا واختالوا فيه مادام بينهم من يصر على أن يكون الدمية، أو تمثال الشمع، أو القهرمانة في ذلك الحرملك السياسي الذي ندرك تماماً ما في رؤوس، وغرائز أصحابه.‏

أجل، سورية لا تحكم إلا بالقامات الشاهقة وفي المعارضة هناك من لم تنحن ظهورهم، ولا ضمائرهم ولا جيوبهم، أمام دراهم، أو فرمانات، الباب العالي، وكل الأبواب الواطئة الأخرى، وقد يكون هناك من ابتعد لسبب أو لآخر، ولكن دون أن يعرض تراب سورية للبيع، أو للإيجار، ونعتقد أنها الساعة التي يشعرون فيها، أو يدركون فيها، أي طراز من الرجال أولئك الذين تشتتوا حتى وهم على كراسي المقاهي، فكيف إذا أصبحوا على كراسي السلطة، وأولئك الذين تحت شعار الحرية، تحولوا إلى عصابات أو مافيات معروضة في المزاد العلني.‏

ولقد دقت ساعة العودة إلى... الوعي، الوعي بالصرخة المقدسة للناس، لا بصرخة تورابورا ولا بصرخة لاس فيغاس، وهناك فعلاً من استجاب، وإن عن بعد، وهذا يفترض منا هدم الجدار وهدم المسافة، كلنا مدعوون إلى ذلك، وكلنا قادرون على ذلك، بالرغم من أن من يقولون بالحرية لسورية يمنعون الخبز، بل كل وسائل الحياة، بل كل الحياة عن أهل سورية.‏

ذلك الكرنفال الذي في الخارج تحول إلى مهزلة، فهل لنا بإقفال مأساة الداخل، وقد بتنا نعرف أين هي الصرخة النظيفة، والعارية، والبريئة، والمدوية، وأين هي الصرخة التي تخرج من حذاء هذا القيصر أو من حذاء ذلك السلطان.‏

وليكن عناقنا مع الأنين حيناً الذي نتبين أين هو ولماذا هو موجود، فقد آن الأوان أن نغتسل بالحقيقة فعلاً، وبالحرية فعلاً، وبالعدالة فعلاً لا أن نترك الأنين في أيدي من يبيعون حتى الأنين في المقاهي وحيناً في الخنادق!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية