تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من حقيبة عنان!

كل أربعاء
الأربعاء 30-5-2012
سهيل ابراهيم

لا أحد يعرف في أي ميناء سوف ترسو سفينة كوفي عنان المبحرة بين أمواج الأزمة السورية، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ فيما إذا كانت هذه السفينة سوف تهتدي في الأصل إلى مينائها المفقود، فكل الدلائل تشير إلى أن معظم من ألقاها في البحر،

إنما خطط لغرقها، ويعمل ليل نهار على اضطراب الموج من حولها، لأنه يريد لبحر الأزمة السورية أن يبقى هائجاً، ويريد لعنان أن يبدو في صورة القبطان الذي يصارع المستحيل، والذي يحاول اجتراح معجزة في الزمن الذي جفت فيه ينابيع المعجزات، وأخلت الخوارق الأسطورية أمكنتها، للوقائع الصلبة على مسرح الدنيا!‏‏

من البداية حمل عنان في حقيبته من مجلس الأمن أمر مهمة مفخخاً، اشتهر اليوم بالنقاط الست، وهو بخبرته وتجربته الطويلة في تفكيك عقد الأزمات الدولية كان يعرف أن الذين همسوا في أذنه بكلمة السر قبل أن يغوص في بحر الأزمة، إنما أرسلوه في الطريق المعاكس الذي يوصل إلى الحل، وأن الحل الناجع هو أسهل بكثير مما تقصدت بعض الأطراف في مجلس الأمن أن ترسم خارطة طريقه وتلقيها في حقيبة عنان، لأن الوقائع تقول إن هذه الأطراف ضالعة في إذكاء نار الأزمة، ولها مصلحة في المزيد من تعقيداتها وما انخراطها في بلورة مهمة عنان وبعثته سوى كسب للوقت وتمديد لفصول مأساة تعصف بالسوريين وتدمي قلوبهم وتدفع بوجودهم نحو المجهول، فالوقت في حسابات هذه الأطراف المتورطة في الأزمة السورية كفيل باستنزاف سورية وإنهاكها وهو في نفس الوقت فرصة للزج بالمزيد من السلاح والمسلحين في مسرح العمليات في بعض المدن المتاخمة للحدود على وجه الخصوص وصولاً - على حد تقديرهم - إلى تغيير مأمول في موازين القوى يمكن استثماره في المدى المنظور، إما في مضاعفة مساحات الدمار والخراب، في البنى التحتية السورية، ومضاعفة أعداد الضحايا والشهداء، وإما على طاولة تفاوض مفترضة سوف يجلس حولها السوريون ذات يوم فوق بحر من الدماء!‏‏

من يقرأ في بيانات وتصريحات كوفي عنان، منذ انطلق بسفينته في بحر الأزمة السورية سوف يجد أن المبعوث الأممي المجرب يحرص على أن يمسك العصا دوماً من منتصفها، فهو يوزع مسؤولية العنف على طرفين يتقاسمان في اعتقاده المسؤولية في لعبة الخرق لخطته لبسط الأمن دون أن يميز بين دولة كاملة السيادة معنية بالحفاظ على أمن مواطنيها وجنودها ورجال أمنها، وبين جماعات مسلحة تقاتل هذه الدولة وتفتك بمواطنيها وتصوب السلاح في الليل والنهار على صدور جنودها وضباطها وقواتها المولجة بحفظ النظام، وهو بذلك يصبح وفياً لكلمة السر التي ألقيت في أذنه قبل أن يخوض في بحر الأزمة من أطراف دولية تعهدت بتأجيج الأزمة وتصعيد موجات العنف فيها على حساب وفائه للوقائع الساطعة على الأرض بشهادة بعثة الرقابة الدولية التي ترى وتسمع وتلمس لمس اليد جنون الإرهاب الذي يضرب في المدن السورية ويحيل أيام السوريين إلى جحيم!‏‏

المطلوب من كوفي عنان وبعثته فيما يبدو، أن يوازن في المسؤولية بين الدولة والإرهاب وألا يقع في معصية مصطفى الدابي وبعثته العربية التي حملت الإرهاب مسؤولية العنف في سورية لأن الأطراف الدولية الضالعة في تأجيج نار الأزمة تستطيع فيما بعد أن تبني على هذا التوازن في المسؤولية جسراً جديداً تمد ذراعها عليه للإمساك بالداخل السوري، عبر خطة جديدة لا طاقة لسورية على حمل أوزارها خطة يحملها عنان أو شبيهه في حقيبة مرفقة بكلمة سر جديدة تتشارك في صياغتها دول تنادي في العلن بأنها ترخص المال والسلاح وخزائن النفط وأرواح مرتزقتها المأجورين من أجل إسقاط سورية وتدميرها فهل يكمل عنان المهمة على قواعد هذا التوازن غير العادل أم إنه سوف يختم تاريخه السياسي بكلمة حق ترفع عنا كل هذه الأثقال التي يراد لنا أن نحني ظهورنا تحت أوزارها إلى زمن طويل!‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية