|
كتب لم يعد وطيداً في ثباته, وسوف تقلب القصص حياتي بحيث تحظى بشهرة طيبة, لقد انتقل الشرف إلى الجنس النسائي, والحكايات القديمة المختلفة عن النساء لن تسرد بعد الآن. إن الشعراء القدامى لربات الفنون لن تتوقف عن الغناء بأغاني جحودنا, ترى هل أبولو, سيد الموسيقا قدم لنا آلهته الملهمة للقيثارة, بحيث يمكن أن تصدح بنشيد عن قبيلة الرجال). بهذا المقطع من مسرحية يوربيدس الشهيرة ميديا استهل وبنيفريد ميليوس لوبل كتابه المثير (تحولات باوبو - أساطير الطاقة الجنسية عند المرأة). يمكن النظر إلى باوبو باعتبارها رمزاً أقدم لقوة الجنس وطاقته عند المرأة, يمكن النظر أيضاً إليها باعتبارها شخصية مخادعة, تجسد بنكاتها وسحرها وضحكها الولادة والخصب, نحن لا نملك صوراً واضحة لهوية باوبو ولكن أشكالها المختلفة وذكراها استمرت في الأسطورة والشعيرة, لم تكن ربة ولا كانت شيطانة ليلية, مع أنها أحياناً ألصقت بها التهمتان. تسميتها مشوشة, فلها العديد من الأسماء, من بينها إيامبي وإيزيس وأيضاً بو. وباعتبارها أيامبي لعبت دوراً صغيراً كخادمة أو مربية لديميتر, ربة القمح القديمة في البانثيون الأولمبي الذي يترأسه زيوس. وتوصف في موسوعة الأديان بأنها (تصاحب مصاصية مشوشة أي شيء داعر في العالم القديم, وعلى الأخص الكلمات والأشياء التي تثير الجنسية المؤنثة). إن تحديد هوية باوبوليس قضية استماع لفصل أو شعر, إنها تقاوم الهوية المفردة وليس من السهل تثبيتها بوظيفة وحيدة. إن تراكم المواد المرجعية المتاحة يبين أنها شخصية معقدة مراوغة فهي أحياناً خادمة أو كاهنة, وأحياناً مشاركة للربة في الزواج المقدس وهو شعيرة من الشعائر القديمة. ويشار إليها إليها أيضاً أنها ربة النساء بينما يرى آخرون أنها تقوم بدور الداعرة, أو الجنية الليلية أو عين الشر, لكنها بالتأكيد كانت باوبو مصاحبة لقضايا الخصب, ولكن لا يستطيع أحد كما هي العادة أن يرجعها إلى هذه الوظيفة المفردة, وبدقة أكثر, إن تشخيص الخصب أمر في غاية التعقيد. ويمكن أن تظهر فيه مفارقة لأنه يحرك شبكة من الصور المتعددة, ربطها القدماء في بعض الحالات بباوبو. بما أن مقطع الجذر (بو) له صوت غريب وأجنبي بالنسبة لقدامى الاغريق, فربما كان مستورداً من الخارج, ما يجعل باوبو ذات أصل من خارج اليونان, وعلى أساس الإشارات اللغوية الأخرى, ظهرت آثار أقدام, تشير إلى احتمال أن تكون الثقافة السومرية - البابلية هي أصل باوبو. إن عدداً من الاختلافات حول اسم (بو) حصل في حضارة بلاد ما بين النهرين وفي حضارات شرقية متوسطية قديمة. ففي سومر كانت هناك ربة بدائية تسمى باو حكمت على المياه المظلمة في الأعماق أو الفراغ. وهناك شذرة من لوح طيني ترجع تاريخها إلى 2500 ق.م, اكتشفت في مدينة سومرية تدعى لكش, كان منقوشاً على هذا اللوح أكثر من 700 كاهنة وكاهن ومشاهد شاركوا في تكريس المعبد العائد إلى الربة باو التي لا شك أنها شخصية مقدسة هامة, وقد عبدت باو في الديانة الفينيقية قبل 1000 عام ق.م, كربة بدائية شخصت أم الأجناس المقدسة, كان لها أسماء كثيرة مثل بايف كانت حارسة الينبوع أو البئر أو الكهف أو النفق أو المدخل وفي نسخة سورية كان بعل زوج الربة بعلات إله العاصفة الشاب أوسيد الجبال صار الإله الحاكم على أوغاريت وهناك كانت بعلات زوجة بعل ربة للحب والحرب. باو أو بايف أو بعلات - شقت طريقها من سومر مروراً بأوغاريت وفينيقيا, منتقلة ربما عبر رودس وقبرص إلى كريت, ومن الممكن أيضاً أن هذه الربة الشرقية في مرحلة ما اندمجت ببابو التراقية, التي اشتهرت بأنها ملكة قديمة للعالم السفلي. وفي أوائل القرن العشرين تعاطفت عالمة المصريات مارغريت موراي تعاطفاً شديداً مع الأصل المصري لباوبو: فمن المحتمل أن يكون مشتقاً من الربة بيبيت النظير الأنثوي للرب بيب وعرفت عبادتهما في الفترة المتوسطة الأولى وعلى الأخص في الأسرة السابعة (2250 - 2050 ق.م) حين كانت الأسماء الشخصية المركبة من بيب تتكرر كثيراً ولم تكن شخصيتا بيب وبيبت معروفتين في العصور الفرعونية, أو على الأقل لم يجر الإقرار بهما, ومن المهم أنه في ظل حكم البطالمة والرومان, عندما اكتسبت الآلهة الشعبية أهميتها, صارت أشكال باوبو تتكرر بأعداد ضخمة. (عندما ننتقل إلى ما بعد سخافاتنا الذكرية, من سوق الأسهم إلى كومة أسهم من الصواريخ فسوف نكون أكثر انفتاحاً وإدراكاً, فسوف نكون مستعدين لإدراك مفهوم حضارة جديدة, فإذا باركتنا, الآلهة القديمة في الحضارة القادمة التي سوف تأتي بعد أن تكون هذه الحضارة قد استنفدت دورها وغادرت, فسوف نقدر (الحكمة القديمة المنسية...)). احتوى الكتاب على أحد عشر فصلاً قراءتها ممتعة: (إيامبي الحكيمة وباوبو الخشنة, باوبو الحقيقة, قربان المهرجان, الضحكة المقدسة, باوبو والباحثون, تحديد الصورة, مقدس أم مدنس, التحول إلى وحش, باوبو تلتقي أخواتها الشريرات). الكتاب: تحولات باوبو. - المؤلف: وينيفريد ميليوس لوبل, ترجمة: حنا عبود. - صادر عن وزارة الثقافة. |
|