تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


جماعة ألبرتو..

الثلاثاء 21-1-2014
سعد القاسم

تحت هذا العنوان نشر الزميل والصديق العزيز حسن م يوسف زاويته الأسبوع الماضي متحدثاً فيها عن مدير المركز الثقافي الأميركي بدمشق أوائل التسعينيات السيد (ألبرتو فرنانديز)، وهو يشغل حالياً منصب مدير الإعلام في إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الأميركية..

ألبرتو ذو الأصل الكوبي، الذي تحدث عنه الصديق حسن بإسهاب، كان يمتلك حضوراً واسعاً للغاية في الحياة الثقافية السورية، بحيث يصعب تصور أن هناك من يعمل في الشأن الثقافي السوري ولا يعرفه، فقد كان يتابع معظم الفعاليات الثقافية حتى الصغيرة والبعيدة منها، وكانت معرفته باللغة العربية تساعده على التعارف سريعاً مع السوريين وأقربائهم العرب المقيمين في سورية، وكان غالباً ما يبادر هو بالتعريف بنفسه أو بمن يصحب، وفي افتتاح أحد المعارض التشكيلية عرفني على مدير مهرجان سينمائي في الولايات المتحدة، ثم أردف قائلاً: إنه من أصل مكسيكي فعلقت مازحاً: ألا يوجد عندكم أميركيون في أميركا، فرد بابتسامة واسعة ومديدة..‏

كان ألبرتو مولعاً بشكل خاص بالمثقفين اليساريين، وغير مرة انتقد أصدقاؤه (الليبراليون السوريون) هذه الميول، وفي دعوة عشاء بمنزله تواجد مرة عددٌ كبيرٌ من المثقفين اليساريين الذين بلغت الخصومة ببعضهم حد القطيعة الكاملة، فعلق أحد الحضور ساخراً: أن لا أحد يستطيع جمع المثقفين اليساريين في سورية إلا الملحق الثقافي الأميركي!! وللإنصاف فإنه في تلك الفترة كان هناك نوع من التقبل العام لفكرة اللقاء مع الأميركيين، على الأقل تحت عنوان محاورة الآخر.. خاصة بعد التحولات الكبيرة التي شهدها العالم وأدت إلى تفكك الاتحاد السوفيتي واختفاء المعسكر الاشتراكي وبروز الولايات المتحدة كقطب عالمي وحيد..‏

كما سبق كان طيف نشاط ألبرتو واسعاً للغاية حتى إنه حضر منتصف التسعينيات افتتاح مهرجان حماة المسرحي، والتقى على طاولة الغداء العدد الكبير من الضيوف المسرحيين والإعلاميين الذين كان يدعوهم مدير المهرجان المرحوم سمير الحكيم لهذه المناسبة، ودار الحديث يومها عن مسرحية (الغول) للراحل ممدوح عدوان التي كان الدكتور عجاج سليم يستعد لإخراجها، فسأله أحدهم عن الشخص الذي اختاره لدور الغول، فأجبت سريعاً:صلحي الوادي..وغرق الجميع في ضحك صاخب، ذلك أن المرحوم الوادي كان قد أقصى قبل وقت قصير الدكتور عجاج عن موقع وكيل المعهد العالي للفنون المسرحية، دون مبرر..‏

التفت إلي ألبرتو وقال:أنتم المثقفون السوريون تحبون (الدس) على بعضكم.. أجبته لا إنه مجرد مزاح لا يقلل من الاحترام والتقدير.. ولو كان الأستاذ صلحي بيننا لقلت التعليق ذاته.. أردف بثقة: لا تحاول إقناعي بما لست مقتنعاً به، فأنا أعرف الكثير مما يقوله مثقفوكم بحق بعضهم..‏

لاحقاً حدثت صديقاً مقرباً منه بما حدث فأجابني أنه قد صدقك القول وسبق له أن حدثني عن كم مرعب من الدسائس التي تطوع ليسوقها له مثقفون يقدمون أنفسهم كمناضلين يساريين، بحق زملاء وأصدقاء لهم، وكثير منها ينضح بالحس الطائفي والعنصري البغيضين..‏

في تلك اللحظة استعدت ابتسامته الواسعة المديدة حين سألته: ألا يوجد عندكم أميركيون في أميركا، وبدأت أجد فيها معان ودلالات أخرى..‏

www.facebook.com/saad.alkassem

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية