|
ثقافة
لا يكتب بالكلمات وحسب بل يكتب بالأشياء والمشاعر». لم يرث الفنان التشكيلي نصر ورور ابن الكاتب حسين ورور يراع والده، ولم يكتب مشاعره إلا بريشة مبدعة يلتقط بحبرها كل ما تنضح الحياة به من جمال، فكانت حروف الأبجدية عنده لوحة فنية رسمت على الكتان المعالج بقياس 500سم استغرق تنفيذها ثلاثة أشهرأسماها « سجادة سورية»،لينال جائزة لورنزو العظيم الثانية من الدرجة الأولى في البينالي فلورنسا في إيطاليا، فقد حاز العمل على دهشة كل من شاهده من بين ألف عمل فني لفنانين من أكثر من سبعين بلداً حول العالم. لا تزال روح الفنان التشكيلي تتفيأ تحت ظل الياسمين الدمشقي، ولا تزال سوريته عشقه الأول والأخير رغم استقراره خارج حدودها،حاورناه عبر مواقع التواصل الاجتماعي كي نعطيه الفرصة ليعبرعن فنه هذه المرة بالكلمات، ولنسأله لماذا سجادته.. سورية؟ - هل لعبت الجينات الوراثية دوراً في مساحة الإبداع عند نصر؟ لا شك أن للمورثات دورا كبيرا في اكتساب المهارات لا في انتقائها وإن كنت تقصدين موهبة الرسم، أرى أن كل إنسان لديه موهبة ما، بل إبداع ما وأعرّف الإبداع هو الطاقة الخلاقة التي تصنع الجمال، وتلك الطاقة الجبارة إن لم تعرف طريقها الصحيح فإنها تتحول إلى شكل آخر من الإنتاج وهنا تتفرع الاحتمالات ما بين الاتقان للفعل الجيد أو السيء من جهة ومن جهة أخرى تتحول تلك الطاقة إلى مثبط لأي نشاط عملي أوفكري. أحمد الله وأشكر والدي الكاتب حسين ورور على نعمة الحرية في التجربة والمسؤولية التي جهد كي نحافظ عليها ومن هنا كان الطريق مفتوحاً للمعرفة ومتعة المعرفة وهو ما نملكه من نعمة. - هل تجد فرقاً بين الرسم بالكلمات والفن التشكيلي؟ الرسم بالكلمات ينقسم إلى شقين الأول إبداعي والثاني مهني، الإبداعي منه يندرج تحت عنوان الفنون البصرية الجمالية أما المهني منه فهو تشكيل كالتخطيط كالفرق بين المؤلف انطونيو فيفالدي وبين أي عازف كمان أو كالفرق بين سيد درويش وصبحي جارور وكلاهما أبدعا. أما الكتابة رسماً فهو الاعتماد على القدرات التصويرية لا الحرفية وهذا الذي اعتمدته في مجموعتي الأخيرة «الدوامة»، وجوابي على هذا السؤال تجدينه في لوحة اقرأ ( حبر على الكتان المعالج) فالكلمة صورت ولم تكتب أو تخطط، ثلاثمائة وستين اقرأ مختلفة كل منها عن الأخرى، ولكل منها شخصيتها مشكلة معاً وحدة سيمفونية قوية وجميلة. - من أين تستمد إيحاءات رسوماتك؟ ايحاءات..! لا أحب هذا المعنى لكن جوابي هو الحياة. - برأيك..هل يحتاج الفن التشكيلي إلى مترجم كي يفك شيفرة الرسومات؟ أنا أسأل هل يحتاج العطر إلى مترجم؟ والحب إلى مترجم ؟ الفن لا يحتاج إلى مترجم بل بحاجة إلى جمهور إلى اجتهاد من الجميع لا إلى مترجم، فبالرغم من ظروف الحرب القاسية إلا أننا ترجمنا ما عشناه بفننا ولا نزال نملك الوقت والشغف والإرادة في زمن لا يملكه الآخرون. - لماذا سجادة سورية ؟ هي جدارية أسميتها»سورية» لأنها منتج سوري بحت صوراً وقصصاً وحضارة ولغة وموسيقا وشكلاً وقوة ومستقبلاً، ولأجل أن ينحني كل من يرى هذا العمل المبهر ليقرأ اسم «سورية» وهذا ما حصل فعلاً. - هل قدرت سورية موهبتك كفنان تشكيلي؟ سورية أعطتني حقي في فترة زمنية قصيرة فقد استطعت أن أعرض أعمالي في المعارض السنوية التي تقيمها وزارة الثقافة، من دون أي تدخل مني، ثم اقتناء العديد من أعمالي، ولكن.. بالمقابل لم تأت دعوة واحدة من أي نقابة ولا من أي جهة فنية ولا خاصة ولا مشتركة، اللهم معرض الشباب الأول الذي أسسه حينها الدكتور الفنان الصدوق نزار صابور في أواخر التسعينات، هنا نعود للجينات التي أحياناً لا ترى الحق وتسيء للنعم. أخيراً.. لو قدر لي مع أني فنان فقط لوظفت أهم علماء النفس ولو اضطرني الأمر لاستوردتهم للتحقق من جينات المرشحين لبناء المستقبل ولن أعتمد على التصويت أبداً فالتصويت أيضاً يحمل ما هب ودب من المورثات القاتلة وأنا على ثقة أن لا مستقبل لسورية..لا مستقبل لسورية من دون فن وابداع. |
|