|
ثقافة
ويستوحي الكاتب د. طالب عمران فصول روايته من الأحداث المؤلمة التي يمر بها العالم بطريقة مثيرة يمتزج فيها الخيال بالواقع، ويحكي وجعا ألم بالناس ليتوصل إلى فوائد علمية وأدبية وتربوية تثير في حبكة مشوقة لدى القارىء الفكر والتأمل ومتعة القراءة. وتصور الرواية أعمال جمعية البنائين الأحرار السرية المسيطرة على العالم، وكيف تختطف عالما خريج أعلى الجامعات من مطار بلده وتلحقه بها وتجعله مديرا كبيرا وتقوم بتوقيعه بقتل أعدائها وعملائها المتمردين، وتلوث البيئة فتقتل الآلاف ومنهم أمه وأقرباؤه وتغريه بالمال والجاه والجنس ولكنها تراقبه بالآلات والأشخاص فيفر مع سكرتيرته التي تصبح زوجته. ويسجل انهيار الأنظمة والحكومات ودخول الجميع في عولمة القطب الواحد لتحقق مصالح اقتصادية حيوية للقوة العظمى بعد أحداث أيلول المشهورة وتقوم بأقسى الأعمال وأقبح الجرائم وقصف المدن، واتهام الاسلام بما ليس فيه، وشراء الحكام وبعض منافقي ومدعي الدين لتسوغ أعمالها الرهيبة وتحكم سيطرتها على العالم. وبعد ذلك تظهر المقاومة ويشتد البطش وانتهاك جميع القيم ويقبض على العالم الفار ويحكم بالإعدام، يقول المؤلف» حين استلم مركزه الجديد وبدأ يعطي أوامره بالقتل بدأت المجازر تحصد أرواح المشرفين على أعماله، وطالت أعضاء في مجلس إدارة الجمعية الدولية التي تسيطر على العالم، ولم ينتبه المسؤولون إلى أنه المسبب لحوادث القتل إلا بعد أن حصد بأدواتهم هم الكثيرين منهم .. ورغم أجهزة الرقابة والأيادي الطويلة لأولئك المتسلطين، فقد اختفى قاسم وسالي يوما تاركين لغزا محيرا وراءهما، ولكن القدر كان يخبىء لهما أحداثا أخرى .. أحداثا قد لا يصدقها العقل». رواية الأزمان المظلمة في طبعتها السادسة نفذتها مطبعة جامعة دمشق، تتألف من خمسة أجزاء حملت عناوين لافتة تحمل في مضامينها الكثير من المعاني التي تأخذ القارىء إلى عوالم تجمع بين الواقع والخيال، ومن هذه الأجزاء» الدول في عالم الغد، ديدان الموت، صور مهمشة في دائرة الموت، زمن القوارض والأوبئة المبرمجة ..» ترجمت الرواية إلى الفرنسية عام 2009 وقد اعتبرتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أفضل رواية عربية من الخيال العلمي لأنها تستشرف المستقبل، وقال عنها الناقد الفرنسي روجيه بوينو» هذه أول رواية عربية أقرؤها لاتتحدث عن الماضي إنما تحكي عن الأزمان القادمة، وهي رواية جريئة في اكتشافها لبوادر الخراب في المنطقة العربية» وكتب عن الرواية العديد من النقاد في الوطن العربي من مثل. هادي عياد، د. كوثر عياد، سناء السعيد .. وغيرهم. ولاشك من يريد أن يقرأ هذه الرواية يحتاج قلبا قد من الجلمود والصخر ليستطيع أن يحتمل قسوة الواقع المؤلم الذي يأخذنا إليه الكاتب، وخصوصا ما يحدث في السجون التي تتحول إلى مخابر لاستئصال الأعضاء البشرية ومن ثم حرق الإنسان دون أدنى مشاعر أو إنسانية. يقول المؤلف يصف قاعدة غوانتانامو»أنها أعدت لتستقبل آلاف السجناء وأقيمت على أرضها زنزانات في الهواء الطلق مطلة على البحر، تفصلها بعضها عن بعض الأسلاك الشبكية والقضبان، وهي ضيقة لاتسمح للسجين أن يتمدد فيها وإنما عليه أن يظل واقفا أو قاعدا، وفي الأبنية المطلة زنزانات معتمة وغرف فيها أجهزة طبية لاختبار حالة السجين واستخدامه كأنموذج لتجارب علمية وطبية .. «. وعلى لسان بطل الرواية قاسم يقول: آه .. من هذا الواقع القاسي الذي لايمكن تصوره، إنه تعذيب يفوق الوصف، تعذيب جسدي ونفسي وروحي، تعذيب يستل من الإنسان قواه المخزونة ويحطمه ليصبح كتلة حية هلامية دون حس. رواية» الأزمان المظلمة» للدكتور طالب عمران تصور لقرن بدأت ملامحه المرعبة في 11/9/2001/ تقع في 593 صفحة من القطع المتوسط، صادرة في طبعتها السادسة عن جامعة دمشق. |
|