|
خَطٌ على الورق أثيرت المسألة مراراً وأشهر من أثارها الممثل العالمي مارلون براندو المتحدر من الهنود الحمر. لكن الحقيقة أن التمييز العنصري في السلوك والمواقف، لا هو شأن خاص بالولايات المتحدة و المجتمع الأميركي ... ولا يعني الأوسكار و النشاط السينمائي. ولا يمارس على الملونين وحسب. في كل نشاط اقتصادي و اجتماعي يمكن ملاحظة المواقف العنصرية الفعلية والمؤثرة. في الولايات المتحدة تحديداً مثلاً .. وفي غير إطار السينما يمكن أن تلمس ذلك بوضوح في الانشطة الرياضية والتعليم و الصحة والعلاج و حتى في الدين و العبادة. لاحظ مثلاً نسبة السود بين الملاكمين الذين يشكلون وقوداً لحمى جمع الأموال و المكاسب من حلبات الملاكمة .. وحسب معلوماتي أنه حتى الآن جميع هذه الحلبات تعود ملكياتها للبيض. لماذا الولايات المتحدة دائماً هي التي تؤشر إليها إصبع الاتهام ..؟ ذلك لأنه لا دخان بلا نار ... وثانياً لجرأة المجتمع الأميركي في إظهار أمراضه .. من دون أن يعني ذلك أنها أمراضه حصراً. وثالثاً للطبيعة التاريخية لتشكل المجتمع الأميركي الحديث القادم من أصقاع الدنيا بحثاً عن استعمار الأرض ما اقتضى الحاجة لسيد و خادم .. لآمر ومأمور. بل لعل المجتمع الأميركي رغم بروز التشوهات العنصرية فيه .. هو أكثر المجتمعات البشرية الحديثة جرأة وأسرعها في التعامل مع الظاهرة العنصرية. أبرز صور ذلك أن الفرد أو أفراد المجتمع الأميركي ينزلون إلى صناديق الاقتراع لينتخبوا رئيساً أسود. مهما فندنا في سبب ذلك و دور الاحتكارات و مصالحها فيه لا بد من الاقرار أنه يعكس التطور الأخلاقي الفعلي لدى أفراد المجتمع الأميركي. لقد اقترنت ظواهر التشوهات في الاستفحال الرأسمالي بالتشوهات العنصرية ... النازية .. الفاشية .. الاحتلال لدوافع اقتصادية ... الاستيطان في أراضي الغير .. كلها ظواهر رأسمالية رغم شدة وضوح التجلي العنصري فيها. اسرائيل مثلاً ظاهرة عنصرية ورأسمالية في آن معاً ... نظام جنوب أفريقيا السابق « الفصل العنصري » هل يخفي حقيقة علاقته بالرأسمالية و التمركز الرأسمالي. حتى الإرهاب الذي يطرح بصورته المعاصرة الموقف العنصري على أساس العقيدة .. و يمثله اليوم – بكل أسف – الارهاب الاسلامي .. لايخفي أبداً علاقته بالتحكم الرأسمالي بالعالم. لذلك كانت المواقف المشبوهة للسياسات الرأسمالية منه. كيف أسرعت اسرائيل إلى تفهم حالة الوجود الارهابي المسلح على حدودها و التفاهم معه .. ؟! كيف استطاعت الرأسمالية الأوروبية أن تتفهم الارهاب و تنتج الارهابيين و تتريث لتحصد ما يمكنها من فوائد تخدم ابتلاعها للعالم ما أمكنها ذلك ، رغم الاحتكاك الخطر الذي يمكن أن يحصل بينها و بين ما أبدعته و أسهمت في تنميته و تسترت طويلاً عليه وهي الخطيئة الكارثية ذاتها التي كانت للرأسمالية الأوروبية عند صعود النازية. القضية لا تنفي أنها موقف أخلاقي بالدرجة الأولى. لكن تشكل هذا الموقف الاخلاقي له بشكل طبيعي مبرراته الاقتصادية والاجتماعية.. ولايمكن أن تختصرها حالة الترشيحات للأوسكار في السينما. a.s abboud@gmail.com |
|