|
نافذة على حدث فروسيا وفضلاً عن أنها تحمي مصالحها الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتدافع عن بقائها كدولة عظمى، تسعى جاهدة لإعادة صياغة عالم ما بعد القطب الواحد الذي تمثله أميركا، بعد أن تسبب هذا القطب بالكثير من المصائب والمحن على الشعوب، وغدا يحمل العصا بيد و بالأخرى جزرة، ملوحاً مرة بالمكافأة وثانية في العقوبات، إذا لم تمتثل هذه الدولة أو تلك لرغباته وإرادته، ونسي عن قصد أن العالم لايمكن أن يُقاد أبد الدهر بهذه الطريقة لأنه يرتكز إلى تضامن قوى اقتصادية وسياسية وثقافية وعسكرية جبّارة، وهذه القوى لن تسمح حتى النهاية بالوضع الذي آلت إليه الأمور. وبعودة إلى ما يحصل في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا، إن ما يجري يعيد إلى الأذهان زمن الحرب الباردة، وربما ينذر بحرب ساخنة في أوكرانيا التي تعدها روسيا منطقة حيوية بالنسبة لها وخاصرة لا يجوز ضربها أو المساس بها، وعليه فإن تدخل الغرب فيها«خط أحمر». وروسيا لا تتدخل في هذه المنطقة فقط من أجل مصالحها الاستراتيجية، إنما تخشى على السكان الناطقين بلغتها من اعتداءات قد تطالهم من قبل بعض المتطرفين القوميين الفاشيين الأوكران، والآخرين الحاملين لهذا الفكر والمتسترين بالزي الغربي. إذاً الغرب يسعى لتقويض الأمن الروسي بشتى السبل، والاقتراب من حدوده لزعزعة الاستقرار، وإلا بماذا يمكن تفسير أن تصبح أوكرانيا بين ليلة وضحاها الشغل الشاغل للرئيس الأميركي باراك اوباما، ولرئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون؟ وماذا يعني طلب السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامنتا باور إرسال «بعثة دولية للتوسط» في قضية شبه جزيرة القرم، داعية روسيا إلى سحب قواتها من هذه الجمهورية؟ وماذا يعني أيضاً أن يصف الإعلام الغربي غالبية السكان في أوكرانيا أو حتى نصفهم بالانفصاليين، بينما الأقلية أو النصف الثاني مواطنين؟ |
|