تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المساهمة بالحماية الاجتماعية أولاً

مجتمع
الأربعاء 5-3-2014
لينا ديوب

يتكرر النقاش حول أهمية مؤسسات المجتمع الأهلي ودورها في عملية الحماية الاجتماعية والتنمية عموماً، ويتكرر الاحتجاج على تحفظ وزارة الشؤون على عدم تسميتها بالمجتمع المدني،

ومهما يكن من أمر فان الوزارة ترحب بالجمعيات التي تعمل بشكل إيجابي، لذلك بقيت تلك الاحتجاجات محصورة ببضع مئات من المثقفين تراهم أنفسهم في كافة المنتديات والمحاضرات والاعتصامات والبيانات ووسائل الإعلام والمحاكمات والنشاطات الثقافية، وهم أنفسهم الذين يشكلون القوى السياسية المعارضة في البلد.‏

حماية الحقوق‏

ومهما كانت التسمية ندرك أن لتلك المؤسسات دورا مهما” للحدّ من الأضرار المجتمعية وزيادة الفوائد لأنها تهدف إلى تحسين التماسك الاجتماعي، وزيادة مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحدّ من أعباء الفقر وسوء الصحة وعدم المساواة، وتعزيز مصالح المناطق البعيدة والفئات المهمشة؛ والعمل مع الحكومة لتوسيع نطاق حماية الحقوق الاجتماعية والمدنية والسياسية، وحماية البيئة، وتوفير الخدمات مثل الصحة والتعليم وغيرها من أشكال المجتمع، لذلك لن نركز على التسمية ،وانما على المساهمة الفعلية ويبقى السؤال موجهاً لمن يريد العمل هل قام فعلاً بما يلزم لخلق ثقة مع المجتمع من جهة ومع الحكومة من جهة أخرى أيضاً؟‏

دور‏

وتبرز أهمية دور المجتمع الأهلي في أوقات الأزمات والحروب حيث يظهر نشاط تلك المؤسسات كرديف وداعم لأعمال الحكومة، ويمكننا هنا ذكر الكثير الكثير من المبادرات التي قام ومازال يقوم بها العشرات من الجمعيات منذ بدء الحرب على بلدنا، علما أنه قبل ذلك وخاصة في السنوات القليلة الماضية، بدأت تظهر إلى العلن عشرات الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي تدعم مفهوم العمل التطوعي والنشاط الاجتماعي، وتعنى بدعم التعليم والصحة ونشر ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب والمطالبة بمزيد من الحقوق للمرأة والطفل. وخلال تلك الفترة تمت مناقشة قانون الجمعيات للعمل عل تعديله بما ييسر عمل تلك الجمعيات بصورة أفضل. ومن تلك المبادرات والجمعيات “شباب فريق دمشق التطوعي” حيث بدؤوا عملهم في عام 2005، والذي أصبحت خطة عمله لا تعتمد على المشاركة في الفعاليات الآنية التي تنتهي بانتهاء المناسبة فحسب، بل تتخطّى ذلك لتؤدّي دوراً أكبر عبر تنفيذ مشاريع تنموية تساعد الحكومة وتعمل على تعزيز مبدأ المسؤولية الاجتماعية لدى الجميع وتنمية حس المسؤولية للفرد لجعله شريكاً في المحافظة على الخدمة العامة. وهناك في المقابل تجمع شباب العلم السوري، الذين يعرفون عن أنفسهم إنهم “كتيبة ضخمة من الشباب السوري الواعي والمتميز بعمله الميداني والمستعدّ للعمل الدائم والمستمر عبر الحملات الفعالة والمرئية”. ويشيرون إلى أن الكوادر الأساسيين ل”تجمع شباب العلم السوري” هم “أبناء سورية وشبابها الهادفون إلى بعث رسالة صحيحة ودقيقة عن الشعب السوري ووعيه وإرادته القومية، إذ إن فعالياتنا بالكامل تجري بالتعاون مع الشعب السوري الأبي بكافة أطيافه”. ويتابع هؤلاء أنه “لإدراكنا بواجب الوقوف صفاً واحداً شعباً وقيادة في مواجهة المؤامرة الخارجية، قرّرنا الالتزام بإطلاق الحملات الميدانية والمعنوية. وعلى التوازي نشطت المبادرات والجمعيات التي شاركت في أعمال الاغاثة والعمل داخل مراكز ايواء أهلنا المهجرين وتنوعت النشاطات بين تقديم الدعم النفسي والتعليم والعناية الصحية الى تقديم المعونات والسلل الغذائية، كمجموعة لبينا النداء وساعد وغيرها، وهناك أيضا وزيارة الجرحى وأسر الشهداء وهنا يمكن ذكر نشاط مجموعة نحن سورية.‏

وعلى التوازي أيضاً مع تلك الجمعيات هناك جمعيات على شراكة حقيقية مع وزارة الشؤون ومنذ سنوات وحققت نتائج مهمة كجمعية صندوق الرجاء لإدارة دار زيد بن حارثة للأطفال اللقطاء. والجمعية السورية للتنمية الاجتماعية لإدارة معهد خالد بن الوليد لإصلاح الاحداث الجانحين. وجمعية حقوق الطفل لإدارة معهد الغزالي لإصلاح الاحداث. وجمعية تطوير دور المرأة لإدارة معهد الفتيات الجانحات والتي تعمل حاليا على استقبال حالات من ضحايا الاتجار بالأشخاص، وجمعية البر والخدمات الاجتماعية بحمص لإدارة مركز ملاحظة الاحداث بحمص. وهناك مجموعات نشر ثقافة ريادة الأعمال كعيادات العمل وسند وغيرها.‏

بيروقراطية وتحفظ‏

وهنا يمكننا القول: إن الحكومة تمدّ يد العون لمن يعمل بشكل جدي رغم العثرات والتحفظات والبيروقراطية، لكن ما نلاحظه فإن المشكلة أن المجتمع المدني لم يحاول التأسيس لثقافة مجتمعية ومواطنية، لذلك بقيت الحركة محصورة كما قلنا ببضع مئات من المثقفين تراهم أنفسهم في كافة المنتديات والمحاضرات والاعتصامات والبيانات ووسائل الإعلام والمحاكمات والنشاطات الثقافية، وهم أنفسهم الذين يشكلون القوى السياسية المعارضة في البلد. وبالتالي فإنه كان من المستحيل عمليا الفصل بين نشاط المعارضة السياسية ونشاط المجتمع المدني. لذلك لابد من السؤال: هل كان من الممكن ألا ينزلق المجتمع المدني السوري باتجاه السياسة؟ خاصة أن أشد المتحفظين على تسمية المجتمع الأهلي والمتمسكين بالمجتمع المدني ممن كان لهم في غالبيتهم مواقف معادية للبلد في هذه الحرب فكيف يمكن الثقة بطيب نياتهم ومطالباتهم؟ ربما لا تكون الاجابة على السؤال هنا لكن يبقى السؤال قائماً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية