|
البقعة الساخنة إذ من الهراء الزعم الغربي بأن الانقلاب الحاصل في أوكرانيا لا يمس السيادة والمصالح الروسية في عمقها الاستراتيجي , وهراء أكبر أن يتنصل الغرب من مسؤولية التحريض على الانقلاب ورعايته .. وهو الذي يمد يديه عميقاً في ترتيبه وتبنيه ومحاولة تشريعه كما لو أنه ثورة , ومن الهراء في الجهة المقابلة أيضاً أن يقدم الغرب الأميركي والأوروبي في ردود فعله , على استعمال لغة من التهديد والوعيد في مواجهة الحالة الدفاعية الروسية , وكما لو أن روسيا هي الحمل الوديع في مواجهة ملوك الافتراس والقوة الغاشمة ! فمن الواضح أن الغرب عامة وفي المقدمة منه أميركا ليسا في وارد تقبل المتغيرات العالمية الجارية منذ سنوات , خاصة في صعيد توازنات القوى الدولية وآفاقها , ولا يريدان التصديق بأن ثمة من يستطيع اليوم ردعهما وإدخالهما عنق الزجاجة الضيق , بل وحصارهما في عقر دارهما وليس فقط في محيطهما الجيوسياسي الاقتصادي , فيعمدان إلى ما يمكن وصفه بـ «المخاتلة « والظهور بما هو غير حقيقي وليس لهما , إذ لم يعد ثمة معنى لتهديدات الحصار والخنق والعقاب في وجه روسيا وقدراتها الهائلة المتطورة وحلف الدول الكبرى والناهضة المصطفة إلى جانبها وفي مقدمته الصين , بل لم يعد ثمة معنى لادعاء الغرب امتلاك قدرة فاعلة في وقت تتضاءل فيه هذه القدرة وتتهاوى كل يوم سواء اقتصادياً أو عسكرياً . واقع الأمر العالمي اليوم أن أميركا وإلى جانبها أوروبا لا تستطيعان مواجهة النهوض الروسي على كل المستويات ووفق كل المعايير والمقاييس , الأمر الذي ينبغي أن يعني لهما بأن مصلحتهما الحقيقية لا تكمن في ممارسة التهديد والوعيد الفارغ , بل في الإقدام على التواؤم والتماهي والمصالحة مع ما هو واقعي وحي ومتطور ولا سبيل إلى تغييره ؟ الحدث الأوكراني جار ولم يتوقف بعد ولن يتوقف إلى أن يؤول الغرب إلى لغة العقل والمنطق والقبول بواقع الأشياء, على الأقل تجاه هذا الحدث بالذات , إن لم يكن تجاه غيره من الأحداث المماثلة وفي مقدمتها الحدث السوري الذي كان ينبغي للغرب أن يتعلم الكثير من دروسه .. لكنه لم يفعل ؟. |
|