تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الولايات المتحدة سئمت تخاريف نتنياهو

هآرتس
ترجمة
الأثنين 21-3-2011م
ترجمة: ليندا سكوتي

يتبادر إلى أذهاننا سؤال عن العامل أو العوامل المشتركة التي تجمع بين الحلول والمقترحات لمعضلتي البناء الاستيطاني والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني فلا نجدها متمثلة إلا بعبارة واحدة هي «الكلام» فقط،

ذلك لأن بيبي يعتقد بأن الأقوال يمكن لها أن تغنيه عن الأفعال، الأمر الذي حدا به إلى إعطائها المقام الأول في شتى المناسبات دون السعي لتحويلها إلى تصرفات على أرض الواقع في محاولة منه لتخفيف الضغط الدولي على إسرائيل، لذلك سنجده يطلق الوعود البراقة في الخطاب الذي سيلقيه في الأسابيع القليلة أمام الكونغرس الأميركي أو المؤتمر السنوي للإيباك. وفي هذا السياق، نتساءل لماذا سيطلق بيبي وعوده في واشنطن قبل أن يعلن عنها في الكنيست الإسرائيلي فهل يعتبر هذا المنبر غير جدير بتلقي ما يزمع الإقدام عليه من خطط؟‏

تبدو غرابة الأطوار واضحة على وزير الدفاع إيهود باراك وتتزايد باضطراد في كل ظهور شعبي له، وقد بدا ذلك واضحا في مقابلة أجراها معه جولان أرييه من راديو إسرائيل، وفيما أدلى به من أقوال إلى صحيفة وول ستريت جورنال حيث ذكر بأن إسرائيل بحاجة ماسة إلى مبلغ 20 بليون دولار كمساعدات إضافية كي تتمكن من مجابهة الوضع المتفجر الذي تعيشه المنطقة في الوقت الحالي، وهو يعني بذلك المطالبة بمزيد من الأموال كشرط مسبق لتقديم خطة جريئة لحل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.‏

يقول الدبلوماسي السابق وخبير العلاقات الإسرائيلية-الأميركية دان هاليبرن بأن بيبي وباراك قد أغفلا مثلا أميركياً معروفا يقول عندما تكذب علي مرة فإن العار عليك، لكن العار والخزي يقع في ذمتي إن صدقتها مرة أخرى. لذلك وقع الأميركيون في خيبة الأمل إزاء خطاب نتنياهو في جامعة بار إلان لأنهم يريدون أفعالا ملموسة تتمثل بها الجدية بكافة صورها ويقبلها العالم الذي سئم الخطابات والتصريحات الفارغة المضمون.‏

إن من يفكر مليا ويتسم بالواقعية سيدرك مدى عمق أزمة الثقة التي تسود علاقتنا مع واشنطن في هذا الوقت الذي تقع به أميركا تحت وطأة أزمة اقتصادية وسيتوصل إلى قناعة بأن أي توقع لتلقي مساعدات إضافية يعتمد كليا على حدوث تقدم حقيقي وملموس في عملية السلام مثل إعادة مرتفعات الجولان أو ترسيم الحدود التي تمكن الفلسطينيين من إقامة الدولة التي يطمحون إليها. أما في الأحوال التي لا تقدم بها إسرائيل أفعالا على أرض الواقع فإننا نرى بأن الحكومة الأميركية تعلم كيف ستتصرف معنا ذلك لأن أوباما سيحجم عن تقديم مساعدات جديدة دون أن يكون على ثقة تامة بأنها ستقابل بفعل طالما سعى إلى تحقيقه.‏

يبدو أن باراك معجب بالزاوية السياسية التي كتبها آري شافيت بتاريخ 3 آذار والتي نوّه بها إلى الخطاب الثاني ذي المواصفات التشرشلية التي ألقاه نتنياهو في جامعة بار آلان، لذلك نجده يقول في مقابلة له مع جولان بأن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات ملموسة وإصدار قرارات ذات أهمية، وأشار في قوله إلى ان بيبي معجب أيما إعجاب بتشرشل، مضيفا إلى أن القرارات التي يتعين عليه اتخاذها ينبغي أن تكون بمستوى القرارات التي اتخذها كل من ديفيد بن غوريون أو أرئيل شارون.‏

لا نعلم لماذا يعتقد باراك بوجود أوجه للتشابه بين نتنياهو وتشرشل، ذلك لأن خطابا واحدا على غرار خطابه لن يحقق التشابه الذي ألمع عنه. كما وإني لا أرى ثمة تشابه بينه وبين بن غوريون، لأن الأخير كان قائدا يعلم أين يضع قدميه ولديه الكثير من القدرة على قول الحقيقة لشعبه دون تهيب أو توجس. وكذلك أرئيل شارون الذي لم يسع إلى إعلان موقفه بخطاب يلقيه أمام الكونغرس أو الأمم المتحدة بل تحدث بشكل مباشر إلى شعبه عبر مقابلة أجرتها معه صحيفة الهآرتس فضلا عن إدلائه قبل انسحابه من غزة بكلمات يسجلها له التاريخ عندما قال:«لقد آن الأوان للتخلص من الحلم الذي كان يراودنا لأمد طويل حول إقامة إسرائيل العظمى».‏

يرى باراك بأن بيبي يحظى بدعم واسع النطاق لأي قرار جريء يتخذه، ويبدو أن اعتقاده هذا قد جاء لترؤسه كتلة تتمثل بخمسة أصوات يدعم بها نتنياهو في الكنيست. أما بيني بيغن فقد أجاب لدى سؤاله عن السلام «المزعوم» باتخاذه موقف اللامبالي عندما قال لا يعلم كيف يتحدث عن البيض قبل مشاهدة واقع محتوياته.‏

ذكر أحد المعلقين بأن بيبي يقول بإزالة كل مستوطنة بنيت على أرض خاصة في الوقت الذي نراه به يعطي المزيد من التراخيص لبناء المنازل على أرض تمتلكها الدولة وكأنه يعتقد بأن الناس مصابون بالغشاوة والصمم والبكم. إذ إنه لو اطلعنا على التراخيص الصادرة لمعظم المستوطنات سنجد أن أغلبها قد بني بشكل غير شرعي وأن كل ما يقوله بيبي لا يمثل في واقعه إلا محاولة لتخفيف الضغوط الدولية على إسرائيل عبر خطابه المقبل في الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، نتساءل لماذا يعتقد بيبي بأن الضرورة تستدعي ظهوره أمام الكونغرس وبيده بيضة لا يعرف أحد محتواها بعد. لكن مع ذلك قد نراه مؤهلا لنيل جائزة نوبل للسلام على غرار الجائزة التي سبقه إليها أوباما قبل أن يقدم على أي عمل جدي ملموس نحو السلام.‏

لا ريب بأنه إن كنا نعتقد بأن باراك يتسم بالدقة والموضوعية عندما يدلي بتصريحاته أو يلقي بخطبه فإننا سنعتبر بيبي حاويا في سعيه الوصول إلى مكانة رفيعة حيث نجده يعمل على إنتاج وإخراج المسرحية قبل المباشرة بكتابتها. وبتقديرنا فإن كانت ثمة خطة حقيقية سيقدمها فقد كان عليه أن يطرحها أولا أما الكنيست والشعب. ذلك لان الملل قد انتابنا نتيجة ما طرق مسامعنا من أقوال فارغة المضمون لم نشهد لها تطبيقا على أرض الواقع.‏

 بقلم: يوئيل ماركوس‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية