|
من داخل الهامش المعاني مطروحة ومطروقة ومعروضة للجميع على رأي الجاحظ وما علينا إلا أن نعيد الصياغة والترتيب.. وربما يرى آخر أن المناسبات تستدعي العبارات ذاتها بتقديم وتأخير إضافة وحذف.. وهذا ما نجده في الكثير من المقالات التي تدور من عام لآخر ومن مناسبة لأخرى.. ولكن ماذا لو كانت المناسبة بدء العطاء، بدء الربيع، بدء سر الوجود واحتفاء بالأم وبعطائها.. ماذا نقول للأم التي لولاها ما كانت الأمة، ما كان الوطن.. هل من المعقول أن نختصر العام بيوم واحد نعلن فيه حبنا لأمهاتنا ؟! بالتأكيد : لا. فالطالب الذي يعرف كيف يتفوق يقدم لأمه ألف هدية كل يوم، ومن يحم حدود الوطن ويصنه يفعل الشيء نفسه , الأم ريحانة الوطن وخليته الأولى تسمو بسموه وتشمخ به.. الأم التي نذرت أبناءها في سبيله هي التي نذرت نفسها أولاً لهم وله، فمن لم يعتد على البذل والجود من نفسه أولاً ليس بقادر على فعل أي شيء آخر مهما كان صغيراً.. الأم وطن وأي وطن، والوطن أم تزهو بنا، ونزهو بها والعلاقة سرمدية بينهما، بل كلاهما جذورنا وامتدادنا وعطاؤنا، وانتماؤنا ربيع الأم، ربيع للوطن، والوطن لا يزدهر ويغنى ويقوى إلا بمن بذلن كل شيء من أجله، إننا حين نحتفي بالأم كل يوم إنما نحتفي بالوطن، وبالأمة، بالابداع، بالعطاء، بالمستقبل، الأم التي تسهر على صنع مستقبل أبنائها تبني الوطن مدماكاً فوق مدماك، وتدفع به إلى سدة العلياء، لأن الوطن عزيز بأبنائه، حصين بهم، شامخ بهم، احتفاؤنا بالأم بالوطن ليس عابراً، ولا يقف عند يوم نعلن فيه التهاني والتبريكات ونقدم الهدايا، احتفاؤنا بالوطن بالأم، عمل متواصل، بناء يرتفع، إرادة تجمع ولا تفرق، صفوف تتراص وتتفاعل وتبني، وطننا أمنا من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، كما أبناء الأم كلهم عزيزون على قلبها، كذلك الوطن وأبناؤه، لتكن محطاتنا هذه مراجعة لذواتنا ماذا قدمنا.. ماذا فعلنا لوطننا و لأمنا، لغدنا.. وكل عام والوطن وأمهاتنا بألف خير. |
|