تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


..رسالة المحبة والسعادة والبناء

مجتمع
الأثنين 21-3-2011م
وائل المولى

لكل إنسان في هذه الحياة رسالة ووظيفة يقوم بها، والأصل أن كل صاحب مهنة ماهر فيها.. وخاصة إذا كان مقتنعاً بوظيفته، محب لها، متفهم لأبعادها وعلى قدر هذا التفهم والحب يكون النجاح والإبداع فيما بعد..

والوظائف في هذه الحياة كثيرة ومتعددة، ونحن هنا بصدد الحديث عن إحداها بل وأهمها وربما تكون هذه الوظيفة هي الأساس في صناعة الحياة والمستقبل، ويعد الله تعالى من تقوم بها على أتم وجه بالسعادة البالغة والحياة الرغيدة.‏

الرسالة والوظيفة التي نتحدث عنها هي وظيفة الأمومة وهي قضية هامة وخطيرة وحساسة جداً أيضاً لأن التقصير فيها له مردود على الحياة كلها، والنجاح فيها يؤدي إلى وجود أفراد صالحين مميزين وهم سيكونون دعائم لمجتمع صالح قوي ذي أسس حميدة، والمهمة الملقاة على عاتق الأم، ليست سهلة أو هينة، ولكن لكي تقوم بها الأم على أتم وجه يجب أن تكون أبعاد هذه المهمة واضحة بالنسبة لها وأن يكون الهدف واضحا كذلك لذلك في البداية يجب أن تسأل كل أم نفسها ماذا يعني كوني أماً؟ ما رسالتي؟ ما طبيعة وظيفتي ضمن هذا المصطلح؟‏

هل كونك أماً يعني أن وظيفك هي إعداد الطعام، وغسل الأطباق والملابس، وتنظيف البيت فقط؟ نحن لا نستخف في هذه المهام طبعاً، وإنما من باب عرض بعض ما تقوم به الأمهات بالطبع هذا ليس اختراعاً أو ارشاداً أو تنظيراً، كل أم في هذه الدنيا تعلم بأن أهم مهمة تقوم بها هي تربية الأولاد وهذه المهمة بالحقيقة مصنع الأجيال وعمود المجتمع.‏

الأمومة فن وعلم وقدرة‏

السيدة سميرة البغدادي مربية أرادت من خلال صحيفتنا أن تتحدث عن الأمومة فكان لها رأيها: في البداية يجب أن تترسخ لدى كل سيدة أن فكرة ممارسة الأمومة تحتاج إلى فن وعلم وقدرة ثم جهد دؤوب وإرادة لا تخمد ولكي تكون الثمرة صالحة على مستوى الأسرة والمجتمع يجب أن ترفض كل سيدة أن تكون أماً عادية، أو أن تقبل بتصنيفها ضمن الأمهات اللواتي أصبحن كذلك بحكم الزواج والحمل ثم الولادة، فهذا أمر طبيعي قادرة عليه كل انثى حتى ولو لم تكن من جنس البشر، لكن في حالة الأمومة البشرية الناجحة يجب على كل سيدة اعتبار أطفالها رسالة تربوية وهنا البداية الناجحة لأنها بذلك سوف تسعى إلى إنتاج أفضل تربية وأفضل أخلاق وعلم سرعان ما سوف يثمر ويظهر على مستوى المجتمع.‏

الزواج كلمة سر‏

أما السيدة مريم مخلالاتي تعتقد أن هدف كل أم ناجحة ومدركة لمعنى الأمومة تربية جيل صالح فالرسالة تبدأ منذ دخول المرأة عش الزوجية حيث تأخذ الاستعدادات مجرى آخر أكثر جدية ومع الحمل تبدأ المهمة بشكلها التمهيدي ومع الولادة تبدأ رحلة الحياة العملية وهنا يبدأ دور المرأة في أداء الوظيفة الربانية «الأمومة» والأم هنا يجب أن تدرك بذاتها أنها شخص واحد متعدد المواهب والقدرات والوظائف هدفه إنشاء جيلاً مميزاً.‏

مدرسة ومصنع الحياة‏

السيدة حميدة شحادة رأت أن الأم ما إن تحمل طفلها بين ذراعيها فإنه يدخل مدرسته الأولى فعلاً، مدرسة الحضن الدافئ، واللمسة الحانية، ومع الارضاع تزداد العلاقة بينها وبين طفلها متانة، ويبدأ في تلقي الدروس الأولى من الصفات الحميدة ومكارم الأخلاق ومع مرور الأيام تزيد الأم لطفلها تعليماً وتأديباً، لكن لتعلم كل أم بأنه ليس من مهامها أن تصنع إنساناً غنياً بالمال ولكن مهمتها أن تصنع إنساناً غني بالخلق رفيع الأدب.‏

طبيبة معالجة‏

أما السيدة زينب حمدان فتعتبر أن الأم طبيبة ولكن ليس بمعنى الطب التقليدي وإنما طبيبة مسيرة أطفالها، وبحسب رأيها يجب على كل أم أن تعرف متى تقدم الشافي من الدواء السلوكي والأخلاقي لمسيرة أولادها ومتى تزيد الجرعة أو تخففها حيال هذه الأمور ويجب أن تعرف متى يحتاج الأمر لعمليات استئصال من عادات سيئة أو كلمات لا تليق، ولتعلم كل أم أن أمراض القلوب والنفوس أعظم وأخطر من أمراض الجسد، لذا كل أم مدعوة للاطلاع بشكل دائم على مستجدات طفلها ومعالجتها.‏

مزارعة في حقول الحياة‏

السيدة عبير محسن تشبه الحياة بالحقول والبساتين التي تزهر وتثمر بحسب جهد وتعب المزارع المقصود به الأم طبعاً، حيث اعتبرت الحياة مواسم يجب على كل والدة استغلال المواقف والمناسبات فتزرع المناسب من العادات والأخلاق ثم لا تنسى أن تتبعها بالري من ماء المكارم وتتعهد الزراعة بالرعاية دوماً خوفاً من نمو أي خلق ضار أو عادة غريبة ليست من عاداتنا وقيمنا وبالطبع كل أم تعرف الترب وأنواعها وتعرف ما هو المناسب زراعته في كل تربة، فهناك أمور تزرع في تربة الفتاة من رقة في الكلام وحسن التصرف والأدب والحشمة والعلم والصراحة ومهارة في أمور البيت وأنواع أخرى من الارشادات التي لا تصلح زراعتها في تربة الصبي الذي يحتاج إلى قوة في التربية، وخشونة في الإعداد ونهج خاص من أنواع السلوكيات أكثر من الفتاة.‏

وأخيراً نرى أن الأمثلة تطول ولعلنا إذا أردنا أن نتحدث عن معنى الأمومة ودورها ووظيفتها بشكل أكبر مما ذكر قد نحتاج إلى كل صفحات جريدتنا وقد لا تكفي لذلك انتابتني فكرة خلال كتابتي هذا المقال، وخاصة بعد استعراض الجزء اليسير من الأمومة بأن هذا الموضوع يصلح لأن يكون رسالة دكتوراه، بحيث يمكن من خلالها إغناء الموضوع بشكل أكبر وأوسع مما ذكرناه وبكل الأحوال من خلال ما ذكر نجد بأن دور الأمومة مهم جداً في بناء المجتمع خاصة مع الظروف التي تمر بنا، لذلك نتوجه أولاً بتحية الإجلال والاحترام لكل أم ونقول لها أنت مفتاح نجاح مجتمعنا ونبراسه وأنت مصنع الحياة ومدرسة الكرامة ومزارعة المحبة وطبيبة الآفات ومنبع الثقافة والوعي، أنت الأمل في بناء المجتمع الجميل الواعي الذي تسوده المحبة والاحترام والتقدير.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية