تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رسالة التجديد

إضـــــاءات
الاثنين 21-3-2011م
خلف علي المفتاح

تستأنف غداً المرحلة الثالثة والأخيرة من مراحل الانتخابات الحزبية التي استمرت لأكثر من شهرين وشارك فيها مليون بعثي من الأعضاء العاملين بالحزب، الذي يزيد عدد أعضائه على ثلاثة ملايين بين عامل ونصير، يمثلون أكبر قوة سياسية منظمة في سورية ومن مختلف شرائح المجتمع،

ويشكل الشباب أكثر من ثلثي أعضائه إضافة للعنصر النسائي الذي تزيد نسبته على ثلاثين بالمئة من مجموع الجهاز الحزبي، وتنبع أهمية المرحلة الأخيرة من ذلك الحراك الديمقراطي الواسع بأنها تحدد الملامح النهائية للخريطة الحزبية وفق خيارات قواعد الحزب، التي يفترض فيها الانسجام والتوافق مع المعايير التي حددتها قيادته في توجيهاتها وتعليماتها وهي تستند في مجملها إلى معايير درجت القيادات على تأكيدها في كل دورة حزبية تتركز على الكفاءة والخبرة والأداء والسمعة والابتعاد عن المعايير غير الموضوعية عند ممارسة حق الانتخاب، والملاحظ أن التقيد بها أمر نسبي عند الناخبين لسبب يحاول البعض تبريره بوحدة ومركزية المشروع الحزبي وأن المعيار يتوقف على الأداء والقدرة على المبادرة وهي مسألة ينظر إليها عند البعض على أنها استنسابية.‏

إن ما يميز الانتخابات التي جرت هو أنها سُبِقَتْ بحوارات ونقاشات واسعة كان مسرحها الاجتماعات الحزبية وملتقيات الحوار التي أفردت لها حيزاً واسعاً في جلساتها وكذلك وسائل الإعلام وغيرها من آليات التواصل المتعددة، ناهيك عن مشاركة ومواكبة قيادة الحزب للعملية الانتخابية ومعالجة ما شابها من أخطاء، ما ساهم في تعزيز ثقافة انتخابية يعول عليها الارتقاء إلى معيارية موضوعية منسجمة مع فكر الحزب وأدبياته أكثر من انتمائها لثقافة انتخابية تقليدية وتخليصها مما شابها من أخطاء.‏

إن أهمية المرحلة الثالثة من مراحل الانتخاب تكمن في أنها ستدفع إلى مواقع الحزب على مستوى الفروع بقيادات جديدة، يقع على عاتقها قيادة العمل الحزبي والجماهيري في المرحلة القادمة، والذي تبدو أولوياته محددة في الإسهام الحقيقي في عملية التنمية والارتقاء بالوعي الاجتماعي والمساهمة في عملية البناء السياسي والوطني بالتكامل مع القوى السياسية المشاركة في الجبهة الوطنية وجميع قوى المجتمع المدني ممثلة بمنظماته المتعددة إلى جانب الانخراط العملي في العناوين التي حددها المؤتمر القطري العاشر المستندة إلى ما ورد في الكلمة التي ألقاها الرفيق الأمين القطري للحزب السيد الرئيس بشار الأسد في جلسته الختامية وهي خطوط استراتيجية للمرحلة القادمة.‏

إن دور قيادة الحزب في اختيار قيادات الفروع هو أمر مهم خاصة إنها تمتلك صلاحية التعيين النسبي إضافة إلى تسمية أمناء الفروع والشعب وهي بهذه الصلاحية المهمة قادرة على تحسين ورفع كفاءة الناتج الانتخابي من خلال إخضاع عملية الاختيار هذه لمعايير واضحة وعلمية وقابلة للقياس وهو أمر ممكن من خلال الوقوف على السجل الذاتي للذين يقع عليهم الاختيار وسبر إمكاناتهم وقدراتهم القيادية عبر لجان أكاديمية وفكرية متخصصة تقدم رؤيتها للقيادة التي تقع عليها مسؤولية التعيين.‏

إن نجاح القيادات الحزبية التي ستنبثق عن الحراك الديمقراطي يتوقف على عدة أمور يأتي في مقدمتها وعيها للمهام الملقاة على عاتقها وألا تعتبر نفسها سلطة موازية للجهاز التنفيذي وإنما تؤدي وظيفة سياسية واجتماعية ورقابية في إطار الدور الملقى على عاتقها في سياق عملية التنمية الشاملة، وهنا يبرز دور الحزب والسلطة تكاملياً في تحقيق ذلك إضافة إلى وعي أن مهام الحزب ترتبط بمجمل الظروف التي تمر بها عملية البناء المؤسسي في إطار دولة القانون والمؤسسات، وهذا يقتضي ألا تعتبر قيادات الحزب المتسلسلة أن أهمية دورها يتلخص في امتلاكها صلاحية اختيار الكوادر الإدارية التي تشغل المواقع المختلفة وإنما في قدرتها على ضخ كوادر كفوءة ونزيهة وذات مهارة عالية وحس عال بالمسؤولية وقادرة على تكريس ثقافة النزاهة ومحاربة الفساد بكل أشكاله ومظاهره.‏

إن استحضار صورة نمطية تقليدية عن دور الحزب ومهامه لم تعد مناسبة بحكم تطور بنية الدولة وتعميق مفهوم المواطنة وتوسع المشترك السياسي والوطني، وهنا تبرز الحاجة لتكريس ثقافة جديدة تصب في هذا الاتجاه وهذه مسؤولية تقع على عاتق قيادة الحزب من خلال تحديد وتوضيح المهام المطلوبة من القيادات المتسلسلة قبل مباشرتها لمهامها وتحديد الأولويات والصلاحيات التي تحددها طبيعة العلاقة بين الحزب والسلطة وهو ما أكده المؤتمر القطري العاشر بقوله: إن الحزب يرسم السياسات العامة ويحدد أولويات التنمية ويراقب تنفيذها.‏

إن أخطر ما يواجهه أي تنظيم سياسي هو تحوله إلى كتلة خاملة غير فاعلة أو مفعلة، وغالباً ما يكون سبب ذلك عدم تحديد أو معرفة المهام المطلوبة أو تجديدها وانعدام المبادرات لدى القيادات القاعدية التي تشلها هرمية التفكير.‏

إن ما يدعو إلى التفاؤل بمستقبل العمل الحزبي الذي هو أحد انساق العمل الوطني ان الانتخابات أفرزت قيادات شابة وكفوءة تمتلك مهارات وإمكانات قيادية وهي بحكم تموضعها الاجتماعي والسياسي الأكثر إدراكاً لطبيعة المرحلة القادمة والمهام والآمال الوطنية المعلقة عليها ولا سيما أن المناخ العام أصبح مهيئاً أكثر من أي وقت مضى لتسريع عملية الإصلاح على الصعيدين الحزبي والداخلي، في سياق البرنامج الوطني الذي طرحه السيد الرئيس بشار الأسد في خطابي القسم وكلمته في الجلسة الختامية للمؤتمر القطري العاشر للحزب، ولا شك ان القيادات التي ستكلف بقيادة العمل الحزبي ستعكل رؤية وفلسفة الحزب للمرحلة القادمة وهي بالتأكيد ستحمل رسالة تجديد للحزب في بعدها الفكري والتنظيمي.‏

khalaf.almuftah@gmail.com ‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية