تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بعد الفراق .. دموعٌ وانهيارٌ وإغماء

فضائيات
الأحد 18-7-2010م
هفاف ميهوب

من الطبيعي أن يبكي المشاهد لدى رؤيته لمشاهد الموت التي ترسمها الحروب وبما ينتهك ويسفح ماتنفطر له الأرواح والقلوب,

وقد يبكي أيضاً متأثراً بلقطةٍ دراميةٍ عالية القدرة على اختراق مالديه من إحساس, أو لدى رؤيته لبعض البرامج التي تحاكي وجدان كل الناس, ومن خلال تقديمها لنماذج إنسانية فُجعت في هواها أو أهلها وأحبَّتها أو صحَّتها وإلى الدرجة التي تجعلها وعلى مرِّ الوقت والألم, تذرفُ بلواها.‏‏

‏‏

لكن, وإن دلَّ هذا على رهافة إحساس المشاهد فإنَّه يدلُّ وفي حالِ بكاءِ الضيوف والجمهور المتواجد, على أن البرنامج يسعى وفي كلِّ حلقة من حلقاته القاهرة, للملمةِ أشلاءِ الإنسانية المتناثرة, وخصوصاً عندما يتحوَّل البكاء فيه إلى عويلٍ ومن ثمَّ تشنُّجاتٍ عصبية تنتهي ومن شدَّة التأثُّر, بإغماءةٍ أو سكتةٍ قلبية, وبما يجعل جميع الحاضرين يشيِّعون الدمع تضامناً مع ما يشهدونه من عناقٍ وأشواقٍ تقشعرُّ من صدقِ أنَّاتها, كل المعاني الإنسانية..‏‏

إنَّ هذا ما حصل على قناة (هانيبال) وضمن برنامج (المسامح كريم) الذي يقوم على دعوة المشاهدين, ومن كافة أنحاء الغربة والعذاب, للاتصال به وطلب اللجوء الإنساني, وسواء من أجل الالتقاءِ ببعيدٍ (أخٍ أو أبٍ أو أمٍّ أو حبيب) أو للبوح بمشاعرٍ مكبوتة وتحتاج لمن يشفق على شغفها بإيجادِ حلٍّ سعيد. أيضاً للمصالحة بين أصدقاء أو إخوة متخاصمين, أو بين زوج وزوجته تفاقم لديهما وجع الانفصال إلى أن سرى في قلبيهما الحنين, ليكون الأكثر إنسانية في دعوة هذا البرنامج, تلبية مقدِّمهُ لنداءِ أمهاتٍ فقدن بناتهنَّ منذ الصغر ولأسباب منها (الطلاق.. الطرد.. قسوة زوجة الأب.. الفقر) ليقوم البرنامج وبعد سنوات من تشرُّدهن بالبحث عنهنَّ واستضافتهنَّ على سبيل جمعهنَّ مع أهاليهنَّ وتحديداً والداتهنَّ, حيث يتمُّ العناق بعد طول فراق..‏‏

في إحدى حلقات البرنامج رأينا كيف استطاع مقدِّمهُ, وبعد أسبوعٍ من البحث والجهد, تمكين فتاة من رؤية والدتها وبعد أن غادرتها لمدة اثني عشر عاماً, لنرى كيف تضمَّخ اللقاء بدموعِ الاثنتين وإلى الدرجة التي جعلت من الصعب على مقدِّم البرنامج أن يفصلهما عن بعضٍ أو يكفكفُ أحزانهنَّ التي انتقلت إلى جميع المتواجدين في البرنامج, ما أدى إلى تقديم فاصل غنائي بليغُ التوافق وباللحنِ والكلمات مع مافي اللقاء من دموعٍ وأنينٍ وحسرات..‏‏

أخيراً, وبعد أكثر من فاصلٍ غنَّى الفراق والغربة واليتمُ والأشواق, استطاع مقدم البرنامج فصل العناق ليجعلنا نسمع ما قالته الفتاة, التي ودون أن تتوقف عن البكاء روت قصة تشرُّدها وضياعها وغربتها وإلى أن وجدها البرنامج ووعدها بلقاء والدتها التي لم تتوقف عن البكاء وبأنين جعلها ومن شدَّة ماشهقت الآلام وذرفت الملام, تسقط مغشياً عليها ليسارع مقدِّم البرنامج مع بعض المتواجدين في الحلقة لتدارك الموقف الذي سرعان ما أُوقِف.‏‏

في البرنامج, قصصٌ أخرى, لكنها جميعها تُشعرنا بمقدار مافي الحياة من عذابٍ وحرمانٍ ومعاناة.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية