|
فضائيات
الذي يستقطب اهتمام ملايين المشاهدين على امتداد الأرض العربية، ومن هذه البرامج البرنامج السياسي الحواري الشهير «الاتجاه المعاكس» الذي تبثه فضائية الجزيرة، فقد خصص آخر حلقاته للحديث عن الدراما التلفزيونية العربية طارحاً سؤالاً إشكالياً حول حقيقة لجوء هذه الدراما إلى طرح مواضيع اجتماعية جريئة بهدف الكسب المادي لا سعياً وراء محاربة الظواهر السلبية التي أصبحت السمة العامة لمضامين الأعمال الدرامية العربية .
وقد اختار البرنامج المخرج التلفزيوني يوسف رزق للدفاع عن الدراما العربية ووجهة نظرها في أحقيتها بتقديم المواضيع الإشكالية والتي قد لا تكون منتشرة في المجتمعات بشكل كبير بقدر ما تشكل تهديداً مباشراً على هذه المجتمعات ينبغي التنبه له والتحذير منه قبل استفحاله.. والواقع أن الطرف الآخر في الحلقة قد نجح ومنذ لحظاتها الأولى من إخراجها عن مضمونها وجرّها نحو أماكن يريدها هو كي يتمكن من طرح وجهات نظره دون عوائق، وهو الأمر الذي كان على المخرج رزق عدم الانجرار إليه كيلا يخرج الموضوع عن وجهته الأساسية، فقد تمكّن الطرف الآخر من تحويل الموضوع من موضوع عام إلى موضوع شخصي يتعلق بالمخرج رزق تحديداً وبأعماله التلفزيونية، كما تمكّن الطرف الآخر من جر رزق إلى التفوّه بتصريحات لها علاقة بشخصيات تاريخية لها اعتبارها كان رزق بغنى عن التطرق إليها لئلا يفقد ما تبقّى له من رصيد في الحلقة بعد أن بدا قليل الحيلة أمام الطوفان الجارف الذي اكتسح الحلقة منذ بدايتها حتى نهايتها والذي لم يوفّر كل الوسائل غير الشرعية بهدف السيطرة على مسار البرنامج كالتلويح بورقة التخوين والتكفير التي كان يمكن ببساطة دحضها وكشف بطلانها من قبل يوسف رزق الذي بقي متمسكاً بعبارات وأفكار محددة ومحدودة مبقياً الكرة في ملعبه منذ الدقيقة الأولى وحتى الدقيقة الأخيرة فيما بدا وكأننا أمام مرافعة لمحامٍ متواضع يدافع عن قضية غاية في العدالة، والمفارقة هنا أن الطرف الآخر كان متسلحاً بأسلحة واهية وتدعو إلى السخرية والضحك كتسلّحه بآراء أناس شبه أميين قابلهم صدفةً في الشارع قبل مجيئه إلى الاستوديو –حسب اعترافه- وبمقتطفات عشوائية جمعها من مواقع الكترونية تتحدث عن مسلسلات تلفزيونية عربية لم يشاهد واحداً منها متعاملاً مع الممثلين الذين جسدوا الشخصيات السلبية وكأنهم مسؤولون عن سلبية الشخصيات في تفسير منه للموضوع تنضح منه رائحة الجهل المطبق بمفهوم العمل التلفزيوني وطبيعته، ورغم ذلك بدا يوسف رزق عاجزاً عن الرد على أي من هذه الترّهات ما أعطى الانطباع بضعف موقفه والفكرة التي ينبغي أن يدافع عنها . أخيراً لم يبقَ سوى أن نقول إن كل من يستاء مما تطرحه الدراما العربية من كشف للفساد والانحراف في المجتمعات العربية إنما هو منخرط بهذا الفساد والانحراف بشكل أو بآخر. |
|