|
معاً على الطريق الاعتراف بها أو الوقوف عندها؛ ربما لأنها في أدنى الحدود تحرجهم؛ وربما لأنها في حدود أخرى تتسبّب لهم «كمنظومة للعدوان على سورية» بأكثر من حالة الإحراج. لماذا توقّفت عملية «جنيف»، وهل هي في حالة التوقف أم الفشل أم التعليق؟! من يقرّر الحالة، ولماذا هي معلقة، وإلى متى، وعلى ماذا تراهن واشنطن إذا كانت هي من يقف خلف الحالة التي وصلت إليها «جنيف»؟. على الأرجح «جنيف» معلقة كعملية سياسية بفعل فاعل هو أميركا؛ وبدوافع تكاد تكون معلنة؛ تتصل اتصالاً وثيقاً بعجز «جنيف كمؤتمر» عن انتزاع أشياء خطّطت واشنطن لانتزاعها من سورية بعد أن فشلت في الاستحصال عليها عبر الإرهاب؛ وعبر حملات التهويل والتهديد والتلويح بكل أشكال العدوان خلال السنوات الثلاث الماضية. من هذه الزاوية يكون صحيحاً القول : إن «جنيف» فشل باستهداف سورية؛ ونجح في الوقت عينه بتعرية جوقة العدوان عليها. وقد تكون هذه النتائج تحقّقت بفضل قوة منطق وفد الجمهورية العربية السورية وعدالة القضية التي يحملها ويدافع عنها بالحجة والدليل والقانون من جهة، ومن الجهة الأخرى بسبب ضعف منطق الآخر «جوقة العدوان» الذي يسعى إلى التجاوز وإلى القفز على القانون والمبادىء في ممارسته العدوان والقرصنة، وهو ما لم ولن يحصل أبداً في الحالة السورية، وحتى لو حصل هذا التجاوز مع الجميع وفي غير مكان؛ فإنه لن يحصل في سورية التي تجيد الدفاع عن سيادتها؛ والتي يعرف شعبها وجيشها وقيادتها كيف تُصان الأوطان. وإذاً، فشلت الولايات المتحدة، وعلقت عملية جنيف كنتيجة للفشل الأميركي إيّاه؛ حيث بات استمرارها بالتقييم الأميركي ليس بلا جدوى؛ بل بجدوى عكسية من شأنها أن تنسف كل مخططات الاستهداف، وربما تؤدي إلى إرغام واشنطن على الإقرار بما لا تريد الاعتراف به، وربما تؤدي العملية السياسية التي لا تقع تحت سيطرة أميركا إلى احتراق كل أوراقها في نهاية المطاف. الولايات المتحدة في ورطة حقيقية، فهي استنزفت كل السبل وأخفقت، لكنها لا تريد أن تعترف، وهي ما زالت تكابر وتراوح في مكان يقع بالضبط بين رفض الاعتراف بالهزيمة؛ وبين رفض طوق النجاة الذي تقدمه لها روسيا الاتحادية، لتحفظ لها شيئاًَ من ماء وجهها، ولأن أميركا هي أميركا؛ فإن سمات الغطرسة والعنجهية والاستكبار لا بدّ أن تقودها إلى مزيد من التهور بفتح جبهات أخرى تتخيل أنها ستتيح لها تدوير الزوايا وممارسة ابتزاز سياسي للخصم كما للشركاء الدوليين والإقليميين؛ تحسيناً لشروط التفاوض وتهرباً من الاعتراف بالفشل والهزيمة، غير أنها في الحقيقة والواقع هي لا تفعل بذلك شيئاً سوى أنها تضيف مشكلات جديدة إلى مشكلاتها مع العالم والمجتمع الدولي. القرار 2139، والحديث المتصاعد عن فتح جبهة الجنوب السوري يقعان في حيثيات تعليق عملية جنيف، وهما بلا شكّ وجه من أوجه الفشل والإحباط الأميركي، وإن التحرك باتجاه فنزويلا وأوكرانيا هو بكل المقاييس تهور وفجور سياسي؛ وهو تحرّك عبثي لن يجعل الطرف الروسي يخضع للابتزاز، وستحدثنا وقائع الأيام والأسابيع القليلة المقبلة حديثاً آخر، لن يروق للبيت الأبيض سماعه. |
|