تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفساد..هل يمكنهم تحصين أنفسهم منه؟

شباب
الأربعاء4-11-2009م
آنا عزيز الخضر

في حديثنا عن الشباب نردد كثيرا أن العديد من السلوكيات اليومية يأخذونها من قدواتهم،

ومن البيئة المحيطة بهم، ومن تلك السلوكيات التهرب من متابعة أمر ما والحصول عليه بطرق ملتوية وهنا مكامن الخطر فالخوف يتعاظم أكثر عندما نسمع بعضا من الشباب يعتبرون تلك الحالة شطارة وذكاء فلا نستغرب أحدهم يعلن:‏

أنه بـ 500 ل.س يمكنه أن يحل معظم مشكلاته فيدفع للشرطي ليغض النظر عن مخالفة ارتكبها.‏

وقد يقول آخر إنه يسرع معاملاته الادارية بنفس الطريقة ليؤكد آخرون أنهم قد يدفعون لمدرسهم في الجامعة لينجحوا بمقرراتهم الدراسية ويردد آخر إنه سيدفع لمدرسة تعليم قيادة السيارات ويزيد الرسم قليلا ليضمن شهادة السوق إن نجح في فحص السياقة أم لا، وغيرها الكثير من القصص لتبدو كأنها حالة عامة وصلت إلى درجة التكريس وباتت أمراً مألوفاً لايتعرض لأدنى استهجان وقد اقتربت من أن تكون ثقافة دارجة يعترف بها الكثيرون بكل بساطة وخصوصا بوجود بعض المبررات المادية وبضغط الحاجة، فكيف يتعامل شبابنا مع حالة الفساد هذه وهل من يقدم لهم التوعية في هذا السياق؟ وهل نستخدم آلية تقلص من ذاك الفساد؟ ثم أين تنحصر المسؤولية وعند من تقف..؟‏

سألنا أكثر من شاب: هل ثقافة الفساد باتت مقبولة عندهم؟ وإن كانت هناك رادع ما فكيف يرونه؟ وإن كان هناك توعية فمن المسؤول عنها..؟‏

قال الشاب عماد الطواشي في النهاية إن الخطأ يبقى خطأ مهما انتشر على أنه صحيح فأنا تربيت في بيت علمني على المباديء لكن بوجودضغوط حياتية كثيفة أراجع ما أقوم به، وقد وجدت نفسي أكثر من مرة على المحك وأفكر بين أن اختار المبادئ الصحيحة أم أدعها جانبا، وأعمل لتحقيق مصلحتي الذاتية بأي وسيلة كانت فالغاية كما يقال تبرر الوسيلة وهذا يحدث عندما تنغلق الأبواب في وجهي لكن أعود ثانية إلى الطريق الصحيح فالبناء السليم لداخلي والتربية هما من يصوناني أنا والكثيرين مثلي من الشباب ، لكن هناك مشكلة علينا الاعتراف بها فحتى الأسرة يضعف دورها مع كل جيل جديد والمدرسة أيضا تراجع دورها عن السابق وقد كان المدرس مربيا حقيقيا لايقتصر دوره على اعطاء المعلومات فقط والمخيف في الأمر أن القضية هي قضية مجتمع ككل ولم تعد مجرد قضية اقتصادية بل اتسعت لتصبح مفاهيم يعمل بها ببساطة والمسؤولية تقع برأيي على جهات عدة وعلينا ألا نستهتر بهذا الجانب أنه سيتحول من مسألة اقتصادية إلى ثقافية واجتماعية وأخلاقية وإن عجزنا عن محاربة الفساد على أرض الواقع يجب تحصين أنفسنا منه ولو بشكل نسبي إن صح القول.‏

أما الشاب سامر اليوسف فقال: فعلا تكاد تكون بعض مفاهيم الفساد سائدة كأنها أمر عادي في حياتنا لتكون منفذاً لمشكلات كثيرة بعيداً عن الطريق النظامي المرسوم أما التوعية حوله فأمر ملح ومن جهة ثانية لابد من وجود قوانين وضوابط رقابية تلوح بالتخويف للحد منها إن غاب رادع المبادىء أو الوعي طبعا وإن لم يكن ذلك هو الحل الجذري حيث من المفترض ألا يكون هناك أي حاجة للتعامل بهذه المفاهيم لاقبول الرشوة ولا حتى دفعها أو غيرها من تلك السلوكيات المكرسة لعمل سريع، وأناقش الأمر هنا كموقف شبابي ومحاولة للحد من تأثيرها أما الدكتورة أميمة معراوي جامعة دمشق فقال: المسألة برمتها مترابطة مع بعضها البعض وهي سلسلة متتالية تتعلق ببعضها البعض إن صح القول لذلك لابد لنا من العودة والاعتماد على الخلية الإجتماعية الأولى وهي الأسرة كونها الأساس في عملية التنشئة التربوية في تبني منظومة أخلاقية تكون أساسا يفيد في تحصين الشباب و إن كانت ستأتيه فيما بعد متغيرات ومؤثرات من البيئة المحيطة والتي ندركها جميعنا وما المقولات السائدة إلا تعبيرعنها مثل الحلال ع الشاطر، البقاء للأقوى، مشي أمورك وغيرها الكثير التي تكرس مفاهيم الفساد والأنانية ليعود ذاك المتمسك بالقيم شخصا غير فعال أو سلبياً ومن ناحية ثانية لابد من التوضيح أيضا أن انتشار هكذا مفاهيم تترك أثرها السلبي على رموز اجتماعية لها أهميتها الحياتيه كـ( الهدية) مثلا وقد كانت وسيلة للتحابب وأصبحت وسيلة للوصول ووسيلة للتقرب وتحقيق المصالح فالسلاح الوحيد هنا هو تبني منظومة أخلاقية تحصن هذا الشاب بدءاً من الخلية الأساسية الأسرة ثم المدرسة والجامعة والمؤسسات المجتمعية الأخرى والدور الأكبر برأيي يجب أن يقوم به الإعلام خصوصا الدراما ويفترض بها استخدام نماذج يحبها الشاب ويتعلم منها حتى تؤثر في توجيهه فالتوعية برأيي ضرورية عبرها وتحديدا بالشكل غير المباشر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية