تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المكتبات الجامعية بدمشق:مكــــــــان تعــــــــارف أو مــــــلاذ من صــــخب المنـــــازل

شباب
الأربعاء4-11-2009م
رنا حسن حمود

على الكرسي المركون في زواية المكتبة المركزية قرب نافذة مطلة على حديقة كلية الحقوق أقدم كليات جامعة دمشق،

يمضي أحمد نحو أربع ساعات يومياً في الدرس، وذلك في أوقات الدوام العادية بعد انتهاء المحاضرات، أما في الأيام التي تسبق الامتحانات فيدخل المكتبة منذ أن تفتح أبوابها في الثامنة صباحاً ويبقى فيها إلى أن تغلق عند السابعة والنصف مساء.‏

وأحمد طالب حقوق في السنة الثالثة، وهو على هذه الحال منذ أن دخل الجامعة ويقول: أفضل الدراسة في المكتبات العامة، فالجو فيها هادئ ويساعد على التركيز وبصعوبة بكشف أحمد عن دافعه الأساس في اختيار المكتبات العامة مكاناً للدراسة فيقول بتردد: بصراحة لا أملك مكاناً آخر، محاولاً إخفاء ملامح الضيق التي بدت على وجهه بابتسامة مصطنعة ويتابع واصفاً واقعه المعيشي: أسكن مع عائلتي في منزل صغير، ويقاسمني غرفتي أشقائي الأربعة ولا أتمكن من الدرس هناك.‏

شباب آخرون غير أحمد تدفعهم ظروفهم إلىارتياد المكتبات العامة في دمشق سواء القائمة ضمن الحرم الجامعي أم التابعة للسكن المخصص للطلاب في مايدعى مكتبة «المدينة الجامعية».‏

منال مثلاً تدرس الأدب الانكليزي وتقيم مع والدها في قدسيا، أي إنها ليست من المقيمين في السكن الجامعي، إلا أنها تفضل أن تدرس في مكتبة «المدينة الجامعية» حيث يمكنها استعارة القواميس والمراجع التي تحتاجها من زملائها هناك وبرأي منال فإن «المكتبة تمتاز بالدفء المادي والمعنوي» مشيرة إلى وجودها وسط أصدقائها في قاعة مكيفة على عكس منزلها حيث لا شيء سوى «البرد والوحدة في أغلب الأحيان».‏

ويبدو لقاء مجموعة الأصدقاء سبباً واضحاً يدفع الشباب إلى الذهاب إلى‏

المكتبات العامة، ففي مكتبة كلية العلوم يمضي صلاح (سنة أولى كيمياء) كثيراً من وقته مع بقية أفراد «شلته» مروى منى ومحمد.‏

ويقول صلاح: في منزلي جو هادئ ومن المفترض أنه مناسب للدراسة، لكنني لا أستطيع التركيز في البيت، ففيه كل وسائل إضاعة الوقت بدءاً من الهاتف والتلفزيون وصولاً إلى الانترنت. وتوافقه منى الرأي فهي تنجز قدراً كبيراً من المذاكرة المترتبة عليها عندما تكون بصحبة زملائها في المكتبة وتقول: بالفعل هنا الاستفادة أكبر خصوصاً عندما أود الاستفسار عن فكرة ما فأستعين بزملائي. وتضيف: المهم بالنسبة إلي أن الدراسة في المكتبة تزيل عني قلق الامتحان فعندما أرى الجميع هنا يدرس أتشجع وتزداد رغبتي في المذاكرة أما في المنزل فيرافقني الملل والقلق.‏

وإذا كان بعض الطلاب يرتادون المكتبات العامة بدافع المشاركة فآخرون يملكون أسباباً مختلفة منها الشعور بالانتماء إلى شريحة اجتماعية معينة وتحقيق الذات. علاء (طالب سنة ثالثة دراسات قانونية في التعليم المفتوح) يعمل طوال العام في قطاع الزراعة في إحدى القرى التابعة لمحافظة طرطوس ويأتي إلى دمشق في فترة الامتحانات فقط وأثناء هذه الفترة ينتهز الفرصة ليمضي نهاره يدرس في مكتبة الكلية ليشعر أنه طالب جامعي. على حد تعبيره فأولاد عمه الذين يسكنون في الشام «ليسوا أفضل شأناً» منه، فهم لطالما حدثوه عن أجواء الجامعة ومتعة الدراسة في المكتبة.‏

وإذا كان طلاب كثر اعتادوا الدراسة في المكتبات العامة، بيد أن البعض لا تروق له الفكرة أبداً فمريم وهي طالبة أردنية تدرس الفلسفة في جامعة دمشق تجد أن المكتبات العامة مناسبة للمطالعة والقراءة الأولية فقط وليس للمذاكرة تقول: أذهب أحيانا إلى مكتبة الأسد لإنجاز حلقات البحث التي نكلف بها في الكيلة إلا أنني عندما أود المذاكرة فأسلوب دراستي لا يناسبه أبداً أن أكون في مكان عام كالمكتبة، فأنا أقرأ بصوت عال وأحتاج إلى أن أكون بمفردي.‏

ولعل الكثير من الشباب يجدون الجلوس في المكتبات الجامعية للم شمل الأصدقاء أو الملاذ الذي يغني دراستهم أو هرباً من صخب المنزل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية