تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فصلُ المحاكم

الكنز
الأربعاء 4-11-2009م
علي محمود جديد

بقيتْ محاكمنا على الرغم من سنوات الإصلاح الطويلة مُثقلةً بالدّعاوى، وبقي النّاس الذين تقذفهم أقدارهم لدخول أبواب قصور العدل مُثقلين هم أيضاً بالملل تحت وطأةِ وكوابيس التأجيل الطويل والانتظار الأطول،

وهم لا يجدون عن ذلك بديلاً على المدى المنظور، فالذي تُفصلُ دعواهُ خلال عشرين عاماً يكون محظوظاً أمام التراكم الشديد للدعاوى والعدد القليل للمحاكم والقضاة.‏

ومن الصعب علينا تمييز الأسباب الحقيقية لقلة المحاكم فعلاً، أهي لكثرة الدعاوى..؟ أم لقلة الكوادر..؟ أم لنقصٍ في عدد المحاكم المختصّة..؟ أم لهذه الأسباب كلها..؟ في الواقع ليسَ بعيداً عن العقلِ الاعتقاد بأنَّ المشكلة تكمن في تحالفٍ يبدو واضحاً بين هذه الأسباب مجتمعةً، وإن كانت المشكلة هي فعلاً باتحاد هذه الأسباب فإنَّ الحل – على بساطة ما يبدو لنا – سهلٌ جداً، فكثرة الدعاوى يمكن التخفيف منها بزيادة رسوم إقامة الدعوى إلى الحدود التي يمكن أن ترتاح فيها المحاكم على الأقل من الدّعاوى الكيديّة التي ربما هي التي تأخذ الوقت الأطول، أما بالنسبة لقلة الكوادر وتأهيل القضاة فمن المعروف أنَّ خريجي كليات الحقوق هم أكثر عدداً من خريجي أغلب الكليات الأخرى، ومع هذا ففي عام 2008 لم يكن في سورية كلها سوى 1100 قاضي فقط أي أنَّ لكل 18 ألف شخص قاضٍ واحد، وهذا مُرهق جداً للسادة القضاة، ولا حلَّ لهذه المسألة إلا باستثمار تلك الكوادر، ولا نعتقد أنّ استثمارها مُعقّدٌ إلى هذه الدرجة، أما بالنسبة للمحاكم المختصة فهذه خطوة هامة جداً وقد بدأت الأمور تسير بهذا الاتجاه حيث أقرّ مجلس الوزراء مؤخراً إحداث مركز سوري للتحكيم في قضايا الاستثمار، ولكن لابدّ وأن تتبعه مراكز لقضايا التأمين وحدها، وللقضايا المصرفية، وقضايا الصناعة والتجارة والسياحة أيضاً، وتجزئة ما أمكن تجزئته ولاسيما تلك الشؤون الاقتصادية المتعددة وتقسيماتها، وتوسيع اختصاصات القضاة العقاريين أيضاً وإلى ما أمكن من فصل المحاكم، فما عوائق الأمر ..؟ هل هو إصلاح لم يحن وقته..؟ أم أنَّ المسألة تحتاج إلى همّةٍ وعزيمة أكثر ..؟!.‏

Ali.gdeed@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية