تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حكومتنا تحتاج لصدق الكلام لا لسحره

يديعوت أحرونوت
ترجمـــــــــــة
الأحد 10-2-2013م
 ترجمة: دلال ابراهيم

ثمة نقاط تشابه عديدة تجمع بين بنيامين نتنياهو ويئير لبيد. حيث استهل كلاهما عملهما في السياسة على خلفية ( سياسي جديد) إلى جانب افتقادهما إلى الخبرة الإدارية المسبقة في المناصب الرفيعة .

والاثنان اكتسبا شهرتهما باعتبارهما نجمي تلفزيون . اكتسبها نتنياهو بسبب مناصبه التي احتلها كسفير لإسرائيل في الأمم المتحدة . بينما لبيد , فهو في الأصل نجم تلفزيوني برع في إجراء لقاءات في القناة الثانية الإسرائيلية , وبالتالي الاثنان لديهما القدرة على إقامة صلة بلا وساطة مع المشاهدين , أي قوة حضور إعلامية على الشاشة , وهي الميزة التي تجعل المشاهد يتابع حديث الضيف أو المقدم دون القناعة بما يقوله . ونبدأ من بدايات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو .‏

انتخب نتنياهو عام 1988 عضواً في الكنيست , وتولى عمل نائب وزير الخارجية . وفي تلك الفترة كان يمتلك ميزات السياسي الواعد , ولكنه لم يكن يعتبر مرشحاً لرئاسة الوزراء . وفي عام 1991 انعقد مؤتمر مدريد الدولي لبحث مسيرة السلام في منطقة الشرق الأوسط مع سورية والأردن والفلسطينيين. وترأس الوفد الإسرائيلي اسحق شامير, والذي كان يرأس الحكومة الإسرائيلية حينها . الأمر الذي أثار غضب ديفيد ليفي وزير الخارجية الإسرائيلية وشعوره بالإهانة لعدم مشاركته بالمؤتمر .‏

وبسبب ذلك ظهر نائبه نتنياهو أمام وسائل الإعلام الأجنبية والإسرائيلية وكأنه وزير الخارجية الفعلي , ومذاك الحين بدأ يلمع نجمه ويظهر بصفة شخصية وطنية في إسرائيل . وفي الحقيقة مهد له هذا الأمر فيما بعد وساعده جداً في الفوز في الانتخابات التمهيدية لرئاسة الليكود في عام 1993 , وفي أن يصبح رئيساً للوزراء عام 1996 . من خلال برنامجه ( الحقيقة ) أعلن لبيد بأنه يرى نفسه مرشحاً لرئاسة الوزراء في الانتخابات القادمة . وهذا يعني أنه ينبغي أن يستلم في الحكومة الجديدة التي ستتشكل (حقيبة أعمال) تساعده في المنافسة على منصب رئيس الحكومة في المستقبل .‏

كما وأن اختياره للحقيبة التي سيتولاها في الحكومة الجديدة سترسم ملامح قدرته مستقبلاً على أن يصبح شخصية وطنية , ومن المناصب التي يرشح أنها معروضة عليه هي منصب وزير الخارجية أو وزير المالية . وضمن هذا السياق , يعتبر رئيس الوزراء الأسبق ليفي أشكول السياسي الوحيد الذي جاء إلى رئاسة الحكومة بعد شغله منصب وزير المالية خلال أعوام الستينات .‏

وفي ذلك الحين سيطر حزب ( مباي ) – حزب عمال أرض إسرائيل الذي اندمج فيما بعد مع حزب العمل - على الجهاز السياسي من دون عوائق تذكر , وكان بالتالي يستطيع تعيين من يريده من دون أن يضطر إلى اجتياز الحملة الشخصية الموجودة في وقتنا الحاضر . وبعد هذا التاريخ لم يستطع أي وزير مالية في إسرائيل الفوز في منصب رئيس الوزراء , حتى إن نتنياهو , الذي كان يشغل منصب وزارة المالية في حكومة شارون خسر في انتخابات عام 2006 أمام ايهود اولمرت . يعتبر منصب وزير المالية بمثابة ضابط ايقاع ميزانية الحكومة . فمن جانبه يضع رئيس الوزراء السياسة الاقتصادية بشكل عام , ووفق ما تمليه عليه الضرورات الائتلافية المجبر عليها . بينما يتوجب على وزير المالية أن يكشف للجمهور السياسة تلك والتي لم يشارك في وضعها , وكأنه بهذا يشير إلى الشخص غير الكفؤ في الحكومة .‏

ولكن يمكننا القول إن منصب وزير الخارجية هي الأنسب ليئير لبيد . لعدة أسباب , أولها الحضور الإعلامي الذي يتمتع به من أجل عرض موقف إسرائيل في العالم , وسوف يتم استقباله بود من قبل زعماء العالم نظراً لأنه يمثل التيار المعتدل في إسرائيل .‏

وأخيراً سوف يكون مندمجاً في برنامج عمل الحكومة السياسي, وهذا هو التحدي الأكبر الذي تواجهه إسرائيل اليوم إزاء موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي . ولكن يدرك نتنياهو أن وزير خارجيته المتمتع بشعبية على المستوى العالمي يمكن أن يصبح منافسه وخصمه في البلاد لرئاسة الحكومة . وسوف يسعى إلى التضييق على خطوات لبيد وسوف يسعى أيضاً إلى التسويف بسياسة إسرائيل الخارجية لكي يمنعه من امتلاك الشعبية العالمية. وبالمقابل ولسد الطريق عليه في التشكيلة الوزارية الجديدة , يمكن لنتنياهو أن يشكل حكومة يمين ضيقة من دون لبيد , ولكنها ستكون مرفوضة في العالم , ولن تسبغ عليها صفة الشرعية من قبل فريق واسع من الإسرائيليين . سيكون ذلك الامتحان الأكبر لزعيم حزب (يوجد مستقبل ) يئير لبيد أمام الرأي العام الإسرائيلي . إن منصب وزير الخارجية ستجعله مؤهلاً لأن يصبح رئيساً للحكومة , ولكن لابد له من التمايز عن بنيامين نتنياهو من أجل الفوز في هذا المنصب . وهذا التمايز يفرض عليه أن يقرن كلمته بالصدق , لا أن تكون كلمته هي عمله مثل ساحر الكلام نتنياهو.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية