تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إدارة المجتمع

حصاد الورق
الأحد 10-2-2013م
 يمن سليمان عباس

لم نشك يوماً في أن الأزمة القادرة على تسخير مقدراتها وثروات بلادها وإمكانياتها المتنوعة لنهضتها أمة لاترهن نفسها للمفاجآت ولايمكن حرفها عن هدفها وبخاصة إذا صممت على السير الحثيث في طريق بناء المستقبل

كما يقول حسين جمعة في صحيفة الأسبوع الأدبي العدد /1327/ أي أن الأمة التي تسخر الكفاءات العلمية والثقافية والتقنية لخدمة ذاتهاوأبنائها من دون التمييز في أصلهم وسلالتهم وعرقهم وثقافتهم التي ينتمون إليها، إنماهي أمة حية وقادرة على بناء حضارة يمكنها أن تثري حياة المجتمع الإنساني، لأنها خبرت ماتملكه بمثل ماخبرت الطاقة الكامنة عند الأمم الأخرى.. فالأمة العظيمة هي التي تستطيع صهر كل الأعراق والثقافات والمذاهب والآراء في بوتقتها لإنتاج تجربتها الخاصة والمتفردة.. ولعل تجربة الأمة العربية في العصر العباسي وتجربة النهضة الأوروبية الحديثة من أبرز الأدلة على ذلك.‏

ثم إن إدارة المجتمع والارتقاء به صعوداً في السلم الحضاري فن إنساني راقٍ يتحرر من العصبية والجهل والتطرف والانتماء العشائري والقبلي والطائفي والمذهبي والعرقي لأن أي تعصب أو تطرف من أي جهة أو طرف كان إنما ينتج كوارث اجتماعية وفكرية ونفسية واقتصادية لاحصر لها ويمتد تأثيرها المشين إلى آماد طوال.‏

وإذا كانت الأمة العربية قد اتصفت بمثل ذلك في عصر ما فإنها ما فتئت تطمح من جديد إلى أن تغدو أمة موحدة ومستقرة وقوية تسعى إلى تأسيس مجتمعها الديمقراطي وفق قيم العدل والمساواة وسيادة القانون.. ومابرحت تراهن على أن التغيير نحو المكانة الحضارية التي تستحقها يتجلى بمظاهر شتى تجعلها تحقق ذاتها ووجودها الفاعل، وتواجه الخطر الماحق للمشروع الصهيوني الذي تتبناه الحركة الصهيونية التي عقدت ا لعزم على استئصال المشروع العربي النهضوي الحديث والقضاء عليه بكل أسلوب مهما كانت قذارته.‏

وهنا لابأس أن نقول: إن الحضارة العربية كانت ومازالت تعامل اليهود معاملة إنسانية نبيلة وتحافظ عليهم من الإيذاء وتمنع عنهم الظلم والإساءة التي أذاقوها العرب الذين لقوا على أيديهم من المظالم والقهر والقتل والتشريد مالم يلقه إنسان على وجه الأرض ولاسيما بعد ظهور الحركة الصهيونية في مؤتمر (بازل) 1897 وقبل نشوء دولتها العنصرية الحاقدة عام 1948 وبعده.‏

ولعلّ اللافت للانتباه في هذا المقام إن الدولة الصهيونية ما نشأت تحت ظل العالم وسمعه وبرعاية أوروبية بريطانية ثم أميركية إلا في ظل العجز العربي وانقسامه ماشجعها على اعتماد العنف الموجه ضد الفلسطينيين مركزة على استئصاله واستيطان أرضه وممارسة عنصرية فاشية شاذة نحوه، عنصرية تعدت كل أمر معقول وموضوعي حين جعلت إله السموات والأرض إلهاً لها وحدها لا كما تعارف الناس إليه بوصفه إله الإنسانية.‏

Yomn.abbas@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية