تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصحافة الفرنسية : تركيا طوت صفحة الديمقراطية وأردوغان يقود بلاده نحو المجهول

متابعات سياسية
الأربعاء20-7-2016
ترجمة دلال ابراهيم

طرحت مجلة لوبوان عنواناً لمقال لها تساءلت فيه  ( إلى أين سيصل أردوغان ؟ ) حيث كتبت تقول: يمكن أن تقدم محاولة الانقلاب الفاشلة لاردوغان الفرصة الوحيدة لتحسين صورته على المسرح الدولي ,

فيما إن لم ينطلق في أعمال قمعية عمياء. هذا وقد مارس من يدعوه خصومه ب « السلطان» سلطة استبدادية وقطيعة مع الرأي العام الذي بلغ ذروته خلال مظاهرات عام 2013 وقمع القوى الأمنية لها وكذلك جنون العظمة التي كرسها من خلال بناء قصر أسطوري في أنقرة . وقد انقسم الأتراك حول تلك الشخصية التي وضعت بلادها في عزلة كاملة تقريباً مع الدول المجاورة لها , عزلة بدأ اردوغان يحاول الخروج منها . إلا أن الإشارات الأولى الواردة من أنقرة تدعو للاعتقاد بالأسوأ . فقد أشار رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إلى أن من دعاهم الجبناء « سوف ينالون عقابهم الذي يستحقونه « مضيفاً عن احتمال عودة عقوبة الإعدام التي تم إلغائها لكي تضمن تركيا ترشيحها إلى الاتحاد الأوروبي . وتختم المجلة إلى القول « يمكن أن يهدد هذا القمع الذي يمارسه اردوغان الانتعاش الذي تسعى إليه الدبلوماسية التركية في علاقاتها مع دول الجوار والتقارب المضني مع الاتحاد الأوروبي.» ومن جانبها تحدثت مجلة الاكسبريس عن عدم شعبية اردوغان والتي ربما راهن عليها الانقلابيون نتيجة فشل سياسته على الصعيد الأمن الداخلي ( عودة وتكثيف حربه ضد الكرد والهجمات الإرهابية في البلاد ) وكذلك أخطائه في السياسة الخارجية ( مغامرته في الوقوف إلى جانب الجماعات المسلحة المتطرفة في سورية , القطيعة مع مصر ومع روسيا , بالإضافة إلى الخلافات مع الولايات المتحدة بسبب دعم واشنطن للأكراد في سورية . هذا ووفق ما كتبته المجلة « مما لا شك فيه أن اردوغان قاد بلاده إلى مأزق ووضع حرج إلى جانب الانحرافات السلطانية النرجسية وهو ما تم لمسه في الميدان الأمني . حيث سجل الجهاز القمعي , عمود الدولة التركية فشلاً لمرات عديدة منذ مطلع عام 2016 من خلال الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها المدن التركية من قبل تنظيم داعش , وهو التنظيم الذي أبدى النظام التركي تساهلاً آثماً معه وقدم له دعماً غير مباشر قبل أن يتحول مؤخراً ضده « بناء على إصرار الأميركيين ) وفي عام 2015 أظهرت وقائع جلية فشل تام للسياسة المتشددة التي ينتهجها اردوغان ضد سورية , والتي قادت تركيا إلى فقدان جزء كبير من مصداقيتها الدولية . لقد انتفض الانقلابيون لكي يظهروا أن الجيش لايتساهل في مسألة أن تبدو الدولة التركية ضعيفة . ولكن اردوغان سيعطي نفسه اسباباً لتوجيه ضربة قوية لهم , سوف يستخدم القوة لقمع أي تحد له بدءاً من إجراء عملية تطهير في صفوف الجيش لينتهي إلى تركيز السلطات في يديه .‏

وكتبت صحيفة لومانيتيه تقول بعنوان لها ( تركيا , الانقلاب الفاشل , الجيش التركي ليس الدولة العميقة ) بالتأكيد أن الانقلاب ضد اردوغان قد مني بالفشل , ولكنه لا يزال ضمن سياق وطني ودولي متوتر للغاية وقد خرج منه الرئيس اردوغان وحزبه الحاكم ضعيفين . لا شك أن الجيش التركي يبقى مخلصاً وفياً للدولة ومؤسسات الجمهورية , ولكن على الصعيد الداخلي سيضطر نظام اردوغان إلى مواجهة العديد من التحديات وهو لم يخرج بعد من مشاكله ومصاعبه . وحتى وإن أراد اردوغان استغلال هذا الانقلاب الفاشل في معرض حربه مع المعارضة الديمقراطية والتقدمية لحكمه فإن عليه الاعتماد على الأكراد المصممين على عدم التخلي عن حقوقهم الشرعية وكذلك مواجهة هجمات داعش التي حاول استخدامها ضد خصومه الأكراد قبل أن ينقلب هؤلاء ضده وينفذوا اعتداءات إرهابية مثل تلك التي تعرض إليها مؤخراً مطار اسطنبول . وعلى الصعيد الخارجي , ربما يتحتم على تركيا التي تشهد تراجع دورها الإقليمي بالإضافة إلى تورطها في الأحداث السورية الدموية إجراء مراجعة لسياستها الإقليمية .‏

بينما أجرت مجلة لو نوفيل اوبزرفاتور مقابلة مع الكاتب التركي جنكيز أكبر , والذي أكد أن تركيا ومع هذا الانقلاب الفاشل قد طوت صفحة الديمقراطية لأمد طويل . وعبر عن خشيته على مستقبل تركيا وأن الشعب التركي سيعيش تحت نير حكم أكثر استبداداً من حكم العسكر . هذا وقد طرح جنكيز أكبر علامات استفهام حول حقيقة هذا الانقلاب , سيما وأن الجيش التركي غني بالتجارب الانقلابية ولم يفشل في أي منها . بينما الانقلابيون حالياً بدلاً من قيادة انقلابهم نحو رأس السلطة اكتفوا بقراءة نص على الراديو وسد محاور طرق , حتى لم يتعرضوا للصحافة المؤيدة لاردوغان . لقد بات الشعب التركي بغالبيته تحت التهديد بالاعتقال والملاحقة القضائية . ووفق ما يؤكده الكاتب إن تركيا لن تعد ديمقراطية في أعقاب هذا الانقلاب الفاشل , بل أصبحت وهماً . سوف يعزز النظام التركي قبضته وسوف يستغل اردوغان ذلك لإقامة نظامه الرئاسي الذي يتطلع إليه منذ فترة طويلة . ‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية