تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فلنرتــــــــــق.. ثقافيـــــــــاً وتنويريــــــــاً..

ثقافة
الثلاثاء 8-12-2015
هفاف ميهوب

«نضال زغبور» الإعلامي الذي تابعنا العديد من برامجه وحواراته، والذي نتابع له حالياً «إلى حدٍ ما» البرنامج الذي ناقش في حلقاته العديدة، كل ما يمكن أن يُناقش من مواضيعٍ هامة وعامة.

مواضيع كان آخرها «ثقافة التنوير» الثقافة التي ولأننا نحتاج إليها جداً في هذا الزمن الذي سوَّدهُ الظلم والجهل والظلام، كان لزوماً علينا اقتفاء ما يخصّها من وعي الكلام.. علّ من لا يعيها أو من لا يريد أن يفهم مراميها. علّهُ، وبما يسمعه من ضيف الحلقة، الناقد الأدبي «نضال الصالح» يُدرك بأن لاشيء يسمو بعقله وروحه وإنسانيته،‏

إلا فكره المستنير وارتقاء مداركه لا جهله وانقياده وراء أفكار المتعصِّبين والمتقلّبين والمتصلِّبين، ممن يعمون بصره مثلما بصيرته.‏

لاشكَّ أن كل هذا، في منتهى الضرورة والأهمية. لكن، وفي حال عمَّ الظلام الذي سببه انقطاع التيار الكهربائي لا الإنساني أو الوجداني أو الأخلاقي. في حال عمَّ هكذا ظلام، ألا تصبح الاستفادة من التنوير الذي أراده لنا البرنامج، ضرباً من المستحيل، أو تحتاجُ لبحثٍ لن يقوم بهِ، إلا من سعى قصداً للاستفادة التي وإن نالها، فبمساعدة الصفحات الإلكترونية.‏‏

حتماً، من يتقصَّد البحث سيجد مبتغاه، وهذا ما فعلناه إلى أن تمكَّننا من متابعة موضوع الحلقة، وحسبما طرحه «زغبور» على ضيفه الذي ردَّ على كل التساؤلات بما يرتقي بالمشاهد. طبعاً، حسب هواهُ ومستواه.‏‏

البداية كانت، وكعادته في كلِّ حلقة، حافلة بتساؤلات لم يطرحها ليتلقى عليها إجابات فورية. لم يطرحها لهذا الهدف، وإنما ليطالب المشاهد بمتابعةٍ تجعلهُ يُدرك بأن عليه، الاقتداء بأخلاقيات المضامين الواعية.‏‏

طالبه بذلك، في ظلِّ مانعيشه من «دعوات تكفيرية وقرارات جاهلة وعمياء، وتوجهات ظلامية» وعبرَ تساؤلاته التي كان محورها وأهمها، عمَّا إذا كانت هذه الثقافة قد غابت فعلاً عن حياتنا ومجتمعنا، وعما إذا كانت البيئة العربية صالحة لهكذا نوع من الثقافة. أيضاً، إذا كانت البيوت والمدارس والمؤسسات تقوم بواجباتها التنويرية.‏‏

كل هذه الأسئلة، كانت مما طرحه «زغبور» الذي دعمَ تساؤلاته بتقريرٍ أوفى التنوير تعريفاً ميّزه كظاهرة كونية وغير عفوية. ظاهرة لاتصيب الممسوسين في عقولهم أو المجرورين بها. تصيب فقط، من امتلك من المعرفة المستنيرة ماحرَّره من الجهل والأفكار الهدامة والمنقادة والأنانية.‏‏

إذاً، علينا استخدام العقل بطريقةٍ تحرّره من جهله وانقياده. علينا فعل ذلك طموحاً وإرادة ووعياً.. عقلانياً ومنطقياً وفعلياً.‏‏

هذا هو المحور الذي دارت حوله الحلقة التي قُدِّمت عبرها، أمثلة لمفكرين تنويريين كان لهم الدور الكبير والفاعل في تقديم ماهو جدير بدراسة المهتمين، ولاسيما في هذا العصر. العصر الذي ادلهمَّ فيه العقل إلى أن انحسر وجود ودور التنويريين والمستنيرين.‏‏

أيضاً، ومن أجل توخي الأمانة فيما بُحث ضمن الحلقة، نلفت إلى أن إجابات الدكتور «الصالح» كانت دقيقة في طرحها لكلِّ ما يتعلق بالثقافة التنويرية والتنويريين. أولئك الذين كان أوّلهم، شهداء السادس من ايار، ممن لم يكن إعدام السفاح لهم مجرّد جريمة إنسانية، وإنما أيضاً، جريمة فكرية تنويرية.‏‏

لقد أسهب في الحديث عن الدور الريادي والمؤثّر الذي لعبه الأدب والشعر في ثقافة التنوير، مقدماً أمثلة عديدة غيرت مجرى التاريخ.. أسهب في ذلك وغيره مما انتهى بأهم مايرتقي بالعقل والمجتمعات والإنسان. الثقافة التي اعتبرها القوة الحقيقية لمواجهة هذا العماء الذي نعيشه، والوحيدة التي تبني مجتمعاً سليماً ومعافى من علل الماضي وحالات الاستتباع للآخر.‏‏

أتساءل هنا، وبدافع انحيازي للمفكرين التنويريين السوريين، ألم يكن من العدل والإنصاف، أن يتمُّ التنويه إلى مكانتهم وماقدموه للحضارة والمجتمعات بأعمالهم التي أثبتت ريادتهم؟..‏‏

تساءلت عن هذا، بسبب الأمثلة الكثيرة التي قُدِّمت عبر الحلقة وذكرت أعمال كُثر من المفكرين العرب التنويريين. الأهم، لأننا لانريد أن نبخس مفكرينا حقهم ولاسيما ونحن نعيش في عصرٍ أغرقته العقول الجاهلة بما يحتاج لنهضةٍ يقودها أمثالهم وبالتنوير الذي حضّت عليه أعمالهم.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية