تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ليغرب عنك من لا يؤمن بك

مجتمع
الثلاثاء 8-12-2015
زينب خليل درويش

يدهشنا ما نسمعه كل يوم من حوادث وحالات فيما يخص ملفّ الهجرة.. الهجرة المزعومة إلى استقرار وأمان وخلاص.

إنهم يشبهون حجراً يلقي في الماء.. مجهول الطريق والوجهة.. هؤلاء الهاربون إلى اللامكان واللاانتماء؟!!‏

تخلوا عن أصالتهم وتركوا بيوتهم للغربان تنعق فيها.. شردوا أطفالهم هنا وهناك.. ومنهم من قضى نحبه غرقاً.. في مياه البحار وبات طعاماً للقرش والأسماك.. شعور بشع فظيع كالكابوس بل كالوهم.. يشبه خليطاً من الازدراء والضيق والضياع.. هو ضيق العقل الذي يدفعهم بعنفٍ إلى مستنقع الطين إلى غير رجعة.. وكالنائم يتفوّه بكلام لا مسؤول.. أو كمحموم يهذي، تماماً يشبه ذهابهم في رحلة مشحونة بالاحتمالات ونحن مشحونون بالترقب ولا نسمع أو نرى إلا المآسي نتيجة أفعالهم الخطأ.. تجاهلوا أجمل إحساس دفءٍ في العالم يمكن للإنسان أن يشعر به في وطن قدّم الكثير وما زال.. ولكن نفوسهم الضعيفة تآكلت ونخرت بالهزيمة والضعف والعار.. والدنيا لا تزال على حالها.. وهم من تغيّر..‏

هذا هو الفرق بين من نذر نفسه لحب الوطن ودمه لأرض الوطن.. وبين من خان وباع وهجر.. ذلك الوتد العميق المليء بالحب والانتماء والشجاعة وبذور الأمل والتحدي.. نماذج نخجل بذكرها وننبذها.. ونماذج نفخر بوجودها ونسمو بذكرها.. وهذا فعلاً سر الاختلاف الذي يتمتع به السوري الحقيقي عن سواه.. لنا ما لنا من أصول وتاريخ وعز وأمجاد.. ونفخر بتلك الصفحة البيضاء المشرفة في التاريخ أننا سطرنا فيها أروع البطولات.. وبدمنا خططنا وقائع الماضي والتي نستحضرها الآن.. لأن الحوادث بعضها يذكر بالبعض الآخر.‏

سننعم بالنصر القريب.. كما ألفنا واعتدنا.. وخلاصة التجارب العديدة والسنوات الطويلة الماضية.‏

لم نجد حلاً إلا ما دفعناه دماءً وأرواحاً وما جمعناه من حب الأرض في جعبة حقيبتنا الوطنية الصادقة.. والتي ضرب بها البعض عرض الحائط.. واقتلع أوتاده من جذورها وأسرج حصانه وحمّل أمتعته وواصل مسيرة حياته في طريق آخر وفي سبيل غاية مختلفة تماماً.. أما نحن فعانينا الكثير وبمحبة نداوي جراحنا ومستعدون لأكثر إذا اقتضى الأمر.. رسمنا غاياتنا وحددنا أهدافنا والتي تشبه الشفق بروعتها وصارت لوحة سورية الجميلة التي تعجز عن رسمها ريشة فنان خائن أو جبان أو مهزوم.. وريشتنا هي سلاحنا وإلهامنا، حبنا وتأصلنا في هذه الأرض التي رويت بدم الأطهار وقد أدركوا عظمتها.‏

والهجرة والهروب هما غدر بدمائهم الزكية التي أريقت للحفاظ على الأرض والعرض التي هي جرحنا النازف حتى ينتصر الحق.‏

نقسم بك بلادنا وأرضنا المقدسة أن نعيشها لأجلك ونموت لأجلك وفي سبيل أن تبقي عزيزة حرة سيدة بين العرب.. ومن لا يؤمن بك فلا يستحق العيش على أرضك ولا أن يأكل من خيراتك وليحصد كل واحد ما يزرع.‏

دمت لنا حرة أبية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية