|
معاً على الطريق على غربلة هؤلاء المعارضين المنتقين لاستخلاص ثلة معتدلة منهم، تشكل وفداً.. سيجري تعقيمه وتوضيبه وتعليبه وإرساله بطرد بريدي معفى من الضرائب السياسية إلى نيويورك، للتفاوض مع وفد الدولة السورية! صحيح أن الأمر يبدو طريفاً إلى حد السخرية، أن يجري تكليف السعوديين بالذات بدور الحكم للفصل بين التطرف والاعتدال السياسي، وصحيح أننا سنشهد اليوم وغداً وبعد غد مشهداً من مشاهد الكوميديا السياسية السوداء، غير أن الحاسم في الأمر أن السعوديين سيلعبون أذكى أدوارهم السياسية على الإطلاق، خاصة أنهم لم يتجرؤوا على توجيه الدعوة لداعش وجبهة النصرة، حين تقع اختياراتهم على ترشيح ثلة معتدلة حقاً.. ليس من طيف الفصائل السياسية المدعوة والمشاركة بعدما تم تطفيش بعضها، بل من بين الداعشيين والنصرويين المتنكرين بعناوين أخرى مثل جيش الإسلام أو أحرار الشام مثلاً.. وحدث ولا حرج، أي الذين يعول عادل الجبير عليهم دائما خياراته العسكرية التي يكررها برتابة وعناد ملحوظين. لا أتوقع أبداً أن مؤتمر المعارضين السوريين في درعية آل سعود سيفشل، بل على العكس أتوقع نجاحاً سعودياً مؤزراً في هذا الإطار ولأكثر من سبب: أولها، أن المعارضين المعتدلين سياسياً لن يذهبوا أو يلبوا الدعوة لأكثر من سبب أيضاً، إذ خير لهم أن يتخلفوا من أن يجاوروا القتلة والمجرمين في تصنيف واحد.. أو من أن يلبوا دعوة من لا يعلم للحكم بما يعلمونه هم ! وثانيها، أن ثلة المعارضين الذين سينتهي إليهم التقييم السعودي «الممتاز» بالاعتدال، سيكشف عن مفاهيم آل سعود ومقاييسهم في توصيف الاعتدال، وسيعرف العالم حينذاك أن الاعتدال السعودي يعني يسار التطرف في أبعد تقدير.. إذ كيف للسعودي وهو المتطرف أصلاً أن يختار معتدلين من خارج دائرة تطرفه؟ وثالثها، أن السعودية سترسل إلى نيويورك كل من تتمناه أن يذهب إليها للبحث في حل سياسي لسورية يوافق آلها الحاكم.. فهل ستختار السعودية معتدلين سوريين يساريين سياسياً؟ ورابعها، أن كل الذاهبين إلى مؤتمر الدرعية يعلمون سلفاً أن ثمة «مصروف جيب» على الأقل سيقبضونه هناك.. ولماذا لا يقبضون هم إذا كان قادة دول عظمى يقبضون ويسكتون؟ ولماذا لا تشتريهم السعودية إذا كانت تشتري أو تستأجر كل شيء.. من الطائرة إلى حبة القمح مروراً بالجيوش وحتى عناوين الحملات العدوانية على طريقة « عاصفة الحسم وعاصفة الأمل» وعلى وزن عاصفة الصحراء وعاصفة الغضب؟ على أي حال.. تابعوا «عاصفة الجهل» السعودية اليوم وغداً، وسنعاود الحديث!! |
|