تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في هيئة دراسة: المعتقدات الاقتصادية الخاطئة تجلب الكوارث

اقتصاد عربي ودولي
الاثنين 4-2-2013
إعداد - قاسم البريدي

ساهم معتقدان أساسيان في دفع السياسة الاقتصادية في مختلف أنحاء العالم في السنوات الأخيرة إلى الوراء، بدل التقدم، الأول أن العالم يعاني من نقص في الطلب الكلي مقارنة بالعرض، والثاني، الاعتقاد بأن الحوافز النقدية والمالية سوف تغلق هذه الفجوة.. تُرى هل كان التشخيص سليما أم أن الخطأ كان في العلاج؟

يجيب على هذين السؤالين «راغورام راجان» وهو اقتصادي دولي مرموق ويشغل حاليا منصب كبير المستشارين في وزارة المال الهندية، اذ يقول في دراسة له:إن الوصول للإجابة على هذه الأسئلة من شأنه أن يفسر لماذا لم نحقق سوى القليل من التقدم حتى الآن في استعادة النمو إلى مستويات ما قبل الأزمة وهذا يتطلب إعادة التفكير في علاجاتنا.‏

مستويات البطالة‏

تشير المستويات العالية من البطالة في مختلف الاقتصاديات المتقدمة إلى أن الطلب متأخر عن الإمكانات الكامنة في العرض، والبطالة أعلى كثيرا في القطاعات التي كانت مزدهرة قبل الأزمة، كقطاع البناء في الولايات المتحدة، وهو ما يؤكد الرأي القائل بأن زيادة الطلب أمر ضروري لاستعادة التشغيل الكامل للعمالة.‏

ويشخص الخبير الهندي الواقع، موضحا في البداية كيف لجأ صانعو القرار السياسي إلى الإنفاق الحكومي وأسعار الفائدة المنخفضة لتعزيز الطلب. ومع تزايد حجم الديون الحكومية وهبوط أسعار الفائدة الرسمية إلى الحضيض، ركزت البنوك المركزية على سياسة إيداعية على نحو متزايد لتعزيز الطلب. ورغم هذا ظل النمو بطيئا بشكل مؤلم. لكن لماذا؟‏

يجيب راجان: الطلب قبل الأزمة كان معززا بكميات هائلة من الاقتراض، وعندما يصبح الاقتراض أكثر سهولة، فإن واقع الحال يقول إن الأثرياء ليسوا هم الذين يزيدون استهلاكهم، بل الأسر الأكثر فقرا والأكثر شبابا التي تفوق احتياجاتها وأحلامها دخولها وقد تكون احتياجاتها مختلفة عن احتياجات الأثرياء.‏

وعلاوة على ذلك فإن السلع الأسهل شراء هي تلك التي يسهل استخدامها ضمانا كالمساكن والسيارات، وليس السلع القابلة للتلف. وارتفاع أسعار المساكن في بعض المناطق من شأنه أن يجعل اقتراض المزيد من المال أسهل، حتى من أجل الإنفاق على احتياجات يومية أخرى.‏

مع نضوب معين الإقراض، تصبح الأسر المقترضة عاجزة عن الإنفاق، ويتغير الطلب على سلع معينة بشكل غير متناسب، خاصة في القطاعات التي كانت مزدهرة في وقت سابق.‏

تداعيات الانخفاض‏

وبطبيعة الحال، التأثيرات تصيب كل مناحي الاقتصاد فمع انخفاض الطلب على السيارات، ينخفض الطلب على الصلب ايضا وهلم جرا، وبالنتيجة نرى لماذا قد يكون الحافز العام للطلب، مثل خفض الضرائب على المرتبات غير فعال في إعادة الاقتصاد إلى مستويات التشغيل الكامل للعمالة فالحافز العام يذهب إلى الجميع وليس إلى المقترضين سابقا فحسب. ويشرح البروفيسور ان بعض خبراء الاقتصاد يريدون تعزيز الطلب عموما، و»نحن نرى ان شطب ديون المقترضين السابقين أكثر فعالية قليلا في إنتاج النمط القديم من الطلب، ولكن هذا لن يكون كافيا في الأرجح لإعادة الطلب إلى مستوى ما قبل الأزمة». وفي كل الأحوال، يبقى السؤال:هل نريد حقا أن يعود المقترضون السابقون إلى الاقتراض بمستويات تعيدهم إلى المتاعب مرة أخرى؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية