تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بدايات الحركات الإرهابية

 بقلم : ميراي ديتيل
مجلة لوبوان
ترجمـــــــــــة
الاثنين 4-2-2013
 ترجمة : سراب الأسمر

بدأ تسلل السلفيين بشكل بطيء إلى أفريقيا السهلية منذ ثلاثين عاماً. بدأ الدعاة الوهابيون القادمون من السعودية والسودان يستقرون في جوامع صغيرة، وبدأت جمعيات الإحسان بتمويلات سعودية تقدم إعانات للناس الذين تركوا بلادهم وهكذا بدأت السلفية ترسم دربها ...

تغلغلوا في الشرق الأوسط وكذلك في المغرب حيث لم يكن يعرفهم أحد ، لكن لم يكن جميع السلفيين مجاهدين ينادون بالعنف ، فأغلبهم كانوا يحلمون بالعودة إلى منطقة « اجدادهم الصالحين » السلف الصالح، وحفنة قليلة منهم كانت من الجهاديين، أما الكم الأصغر فكان مرتبطاً بتنظيم القاعدة . في الحقيقة كان هناك أمر واضح : أن عدد الجهاديين المشايعين للحرب “ المقدسة “ كانت تتزايد . لكن من كان يمول توسعهم ؟ الأرقام سرية ، ولاسيما أن التمويلات كانت تتباين بين فترة وأخرى . عدا ذلك فقد شنت أفغانستان حربها على السوفييت في سنوات 1980 ، في ذلك الوقت حولت السعودية المجاهدين الوهابيين إلى محاربين بأسلحة أمريكية، وكان أسامة بن لادن واحداً منهم قبل تأسيس تنظيم القاعدة ، انهار الاتحاد السوفييتي واستمر عدة من أمراء سعوديين وجمعيات سعودية لاسيما الرابطة الإسلامية العالمية برعاية من السعودية بتمويل الحركات السلفية في أفغانستان وغيرها، ونادى البعض بالجهاد بعد الاعتداء على برج التجارة العالمي في 11أيلول2001 وتورط أغلبية سعودية من المنظمين في القاعدة بالأمر غضبت الولايات المتحدة من المملكة السعودية حليفتها المدللة التي تناغمت مع الجهاديين في العالم ودعت الرياض لعدم اللعب بالنار ، لعدة أسباب : رسم الانتربول خطة تمويل الأموال للمجموعات الجهادية والعربية السعودية في خط نظر القاعدة التي ضاعفت العمليات الانتحارية ، واكتفت الرياض بإطلاق وسائل إعلام جديدة ( صحف ، إذاعات ، تلفزيون) في الشرق الأوسط ولندن ، وكذلك محطة تلفزيونية يديرها ابن عباس مدني ( زعيم جزائري سابق ) .‏

وقطر التي لم تكن سابقاً تموّل هذه المجموعات السياسية ـ الدينية بدأت تحذو حذو السعودية وكذلك الإمارات العربية الثرية والأقل تعداداً بشرياً حيث يبلغ عدد سكانها 200000 نسمة لم تشعر بالأمان بين جارتيها إيران والعربية السعودية ، فالإمارات الموالية للغرب في سياستها الخارجية خشيت أن يتسبب لها الجهاديين بالقلقلة ، فمولت الإخوان المسلمين وأعطت وعوداً للقاعدة التي أجرت لقاءات في أفغانستان خاصة بقناة الجزيرة، أما الدوحة فكرت أن تمنح ذاتها ضماناً ، هذا الشكل من السياسة أعطى نتيجة جيدة لفترة زمنية : إذ ظلت قطر خارج أحداث العنف و«الربيع العربي »، وكذلك فتحت الإمارات أبوابها للمعارضين بدءاً من الشيخ قرضاوي وهو مصري كان قد طرده الرئيس حسني مبارك وأصبح بطل السلفيين في القاهرة وحتى عباس مدني الجزائري ، وكذلك إياد أغالي من طوارق المعارضة المالية وهو مدير أنصار الدين وفرض الشريعة في قيدال كما زار الدوحة عدة مرات .‏

اللعبة المزدوجة في أفريقيا جعلتها تندم، يقول متخصص في الحركات الإرهابية في المغرب : « لا تدرك قطر ما الذي يفعله الجهاديون في هذه المنطقة ، فهي تظن أن كل شيء مهيمن عليه من الأعلى ، من جانب الدول ولا تعلم أن الجهاديين جاؤوا من أسفل وسيكونون خطرون بشكل يصعب السيطرة عليهم » .‏

في مالي ، ساهمت تمويلات الهلال الأحمر القطري في توزيع الغذاء والدواء للناس والأجور للشباب بهدف حثهم للانخراط في المجموعات المسلحة لاسيما في مجموعة أنصار الدين ، ولشراء شاحنة مكشوفة (بيك آب) وأجهزة اتصالات وأسلحة .‏

أما الموجاو التي تأخذ صفة مافيا أكثر ما تأخذ صفة دينية استفادت من هبات الإمارات على غرار الطوارق ، اللاييك ... فقط الأكمي بدت خارج الدائرة القطرية ، إذ لدى زعمائها مصادر تمويل أخرى ، أكثر مردودية كالفدية وتجارة المخدرات .‏

يقول أحد وجهاء تومبوكتو : « حين استقر أوائل المجاهدين في شمال مالي عام 2003 لم يكن يتجاوز عددهم العشرين وكانوا يمضون إلى الخيام يستجدون الطحين » . ثم بدت عليهم علامات الاغتناء، إذ وصلت أموال الأكمي عشرات ملايين الدولارات وهذا منذ الـ 2003 بفضل عمليات خطف الناس ، وبمعيتهم اغتنى بعض الأشخاص المحليين ورجالات سياسية . وبهذا بدأ الغرب يأخذ حذره في دفع الفدية التي تسهل لهم شراء الأسلحة .‏

أما مصدر عائداتهم الأخرى فتعتبر أقل اهمية ألا وهي تجارة المخدرات ، وتعتبر هذه التجارة « حرام » بالنسبة للمجاهدين ، تكتفي أكمي بضمان سلامة تجار المخدرات الذين يدفعون الثمن غالياً ، لاسيما من أجل تجارة الكوكائين القادمة من أمريكا اللاتينية ، ويضاف إليها الحشيشة المغربية ، إذ يعبر سنوياً من 50 ـ 80 طن كوكائين من أفريقيا الغربية رسيما من مالي حيث أصبحت دولة تتاجر بالمخدرات ، فهناك زعيمان في المخدرات مقربان من جهاديي موجاو معتادان منذ سنوات على السفر إلى قطر .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية