تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


روبرت فيسك : أي إرهابيين نحن ؟

الاندبندنت
ترجمـــــــــــة
الاثنين 4-2-2013
 ترجمة :خديجة القصاب

قبل ان أتوجه الى الجزائر لمتابعة المستجدات الطارئة على قضية خطف الرهائن الاجانب أجريت اتصالات مع صديق لي جزائري يقيم هناك استطلعه ماذا يجري على ارض الواقع في تلك الدولة.

هكذا بدأ روبرت فيسك تغطيته للأحداث التي استقطبت وسائل الاعلام العالمية وتدخل قوات من الجيش الجزائري لمعالجة تطور الاوضاع في تلك المنطقة العربية يتابع فيسك كلامه قائلاً : غريب. أليس كذلك . كيف يختلف مفهوم الاذى والضرر عندنا عن مفهومه عند الاخرين هكذا خاطبت صديقي الجزائري الذي يعمل في شؤون الطيران حين سألته عن رأيه بالغارات الجزائرية فوق منشأة عين أميناس حيث منابع الغاز المتدفق بغزارة فجاء جوابه لقد كللت العملية بنجاح” يا «روبر » ودمرنا الارهابيين . ففي حرب 1990 دفعنا الثمن باهظاً حين ذهب آلاف الأطفال والنساء ضحية اعمال الارهاب لكننا لا نزال نتصدى الى اليوم لهذا الإرهاب . ان صديقي يعلق: فيسك يملك وجهة نظر أليس كذلك؟ فالعنصرية ليست كلمة تغطي تلك المناسبة فعندما استأنف كل من جورج دبليو بوش وطوني بلير جرائم حربهما في« قوت العمارة » بغزو قواتهما للعراق لم نبال نحن في الغرب كثيراً لمصير العراقيين هل سجل عشرة آلاف قتيل في العراق سنوياً أم عشرون ألفاً او كما صرح بوش الابن ثلاثون الفاً ربما أقل بقليل أو ربما المزيد من ماذا ؟ يستفسر فيسك ما من مشكلة بالنسبة لعدد قتلانا نحن كغربيين فكل ما نعرفه على سبيل المثال انه منذ بداية مغامرة بوش الابن وبلير في العراق مات بالتحديد 4486 عسكري امريكي في حربهما هناك ( باستثناء القتلى البريطانيين ) اذن يضيف “ فيسك “ اصبحتم يا قراءنا تدركون بشأن اي من الناس نكترث ونبالي لذلك دعونا نتابع ماذا سيحدث خلال الاسابيع القادمة مع استمرار تنفيذ القوات الفرنسية لعملية دشنتها باريس في مالي واطلقت عليها اسم “ سجل الشرف “ سنشهد بالتأكيد يقول فيسك قيام وسائل الاعلام الفرنسية بإجراء مقابلات مع أقرباء ذوي تلك القوات الى جانب عرض احصائيات تشمل عدد الجنود الغربيين الذين اصيبوا في معارك هذا التدخل العسكري لكن عليكم ألا تهدروا الكثير من الوقت للبحث عن تفاصيل عدد القتلى من الجنود الجزائريين أو نظرائهم من الجرحى المدنيين في الجزائر لان التفاصيل حول هذه المواضيع ستظل مجهولة وغير واضحة بالنسبة لتضحيات الجزائريين في ارض المعركة هناك.‏

ثم يستمر فيسك في تحليل تلك الاحداث على طريقته قائلاً: ينسحب الامر ذاته على ما يجري الان في الشرق الاوسط بمجمله اذ لم تتناول وسائل الاعلام الغربية ذكر تدخلنا العسكري المتكرر في مناطق اخرى من العالم تدخل خارج عن المنطق والعقلانية فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا هل ستبقى القوات الغربية في مالي لعدة اسابيع فقط كما صرح الرئيس الفرنسي هولاند وفريقه الحاكم في باريس ؟ اليس هذا ما تم الإعلان عنه حين ظهرت ولأول مرة القوات البريطانية في شوارع ايرلندا الشمالية لتبقى تقاتل في هذا البلد لعقود طويلة ؟ أليس هذا ما يخبرنا به الاسرائيليون باستمرار على غرار زحف قواتهم الى الاراضي اللبنانية عام 1982 لتمكث في تلك الدولة ثمانية عشر عاماً ؟ أليس هذا ما اعتقدنا انه سيحدث كغربيين عندما قمنا بغزو افغانستان.‏

ويستطرد فيسك توجهت مؤخراً للحديث مع صديق آخر فرنسي الجنسية وهو عضو في رابطة المحاربين القدامى الفرنسية وسألته لماذا ذهبت القوات الفرنسية الى مالي؟ فأجاب يقول المسؤولون الفرنسيون ان الاسلاميين سيصلون الى العاصمة باماكو وسيكون الوضع شبيه بزحف حركة طالبان الى كابول التي سقطت بأيدي هؤلاء المتطرفين بسهولة ! لكني لا افهم يقول هذا المحارب الفرنسي ما هو وجه التقارب بين وضع الدولتين مالي وافغانستان ف « مالي » دولة مصطنعة ويرفض ابناء مناطقها الشمالية لاسيما قبائل الطوارق ان يخضعوا لحكومة بشرة المشاركين فيها سمراء داكنة من ابناء جنوب تلك البلاد اذ تعتبر الطوارق قبائل تتلاطى وراء مجموعة اسلامية فحسب فكيف سيتسنى لنا يختم هذا المحارب الخروج من تلك الورطة التي وقعنا فيها؟‏

ثم يتساءل كاتب هذا المقال فيسك مجدداً لماذا يجب ان نبدي اهتماماً لما يفعله الجزائريون عندما يتعاملون مع ابناء جلدتنا بازدراء في حين نحن نظهر باستمرار احتقارنا للمسلمين الذين قتلوا في كل من العراق وافغانستان وفلسطين؟‏

ارجو ان تسجلوا ان وضع سورة مختلف منذ ان تملكنا رغبة تدمير سورية من خلال السماح لوسائل اعلامنا الغربي بتحويل الذين سقطوا في سورية الى «شرفاء غربيين» انني هنا اشتم رائحة استعمار قديم يتصف بالحماقة (علماً ان فرنسا استعمرت الجزائر لمدة 130 عاماً ) دعونا اعزاءنا القراء نستعرض مثالاً آخر ففي النيجر قاتلت القوات الفرنسية قبل نصف قرن من الآن المتمردين مما ادى الى تقهقر وتراجع هؤلاء الارهابيين كما دعوناهم هناك ليستحوذ هذا الحدث على اهتمام الصحف يومياً من عام 1954 الى 1962لكن في دولة كالجزائر اعدكم ألا تربح فرنسا حربها هناك .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية