|
ترجمـــــــــــة ولهذا السبب قرر موقع Mondialisation متابعة هذا الموضوع والالتقاء بمعدة التقرير وهي الصحفية الشابة التي غطت ( الربيع العربي ) في عدة بلدان والتي أمضت شهوراً عدة في سورية , تواصلت خلالها مع العديد من الشخصيات المشاركة في الأزمة . وننقل هنا نص اللقاء كما جاء . وقد نوهت الصحفية في بدايته إلى أنها أمضت في سورية مع فريقها من أجل إعداد تقريرها سبعة أشهر , أي منذ شهر أب من عام 2011 وحينها لم يكن البلد قد دخل حالة الحرب بعد , بينما الآن تشهد البلاد حرباً حقيقية , كما تقول . وتؤكد اناستازيا أن الأحداث , على هذا النحو تطورت في ظل وجودهم . تنقلت خلالها ما بين درعا وإدلب وحلب ومن ثم ما بين اللاذقية وعلى طول الحدود الممتدة مع تركيا والقامشلي ودير الزور . وفي سؤال حول انطباعاتها عن الأحداث الحالية الجارية في سورية تقول :« إن الذي فاجأنا حين وصولنا إلى هناك في شهر آب ولغاية شهر كانون الأول من عام 2011 هو الاختلاف بين ما كانوا يقولونه لنا عن سورية في الخارج وبين ما كان يجري في الواقع في داخل البلاد . ووصلت في بعض الأحيان إلى الغموض . على سبيل المثال , تلقينا مكالمة من المحررين لدينا للوصول إلى ساحة خاصة حيث يتم فيها قمع المظاهرات بالدبابات والمدفعية , وحين ذهبنا إلى الموقع المقصود لم نجد شيئاً من هذا القبيل هناك على الإطلاق , باستثناء بعض المشاة وشرطي سير ينظم حركة المرور . وعلى الرغم من سعينا بمبادرات منا , لم نفلح مطلقاً بالعثور على تلك الآلاف من المتظاهرين ضد الحكومة التي كانوا يحدثوننا عنها دوماً في الصحافة الغربية . تناقشنا مع المعارضة وقالوا لنا إنهم كانوا يجدون صعوبة للغاية في تجميع الناس لتنظيم الاحتجاجات , وأن المكان الوحيد الذي كانوا يستطيعون فيه حشد الناس هي المساجد . لكن في حال نجحوا , لم تكن تلك الأعداد تتجاوز الخمسين شخصاً ولمدة 15 دقيقة من أجل التقاط الصور فقط . وهذا كان يعتبر بالنسبة لهم بمثابة انتصار . والغالبية العظمى من السوريين لم تكن مهتمة بتلك الدعوات للاحتجاج بكل بساطة . ومن ثم بدأ التحريض والاستفزاز , حيث تم قتل أشخاص من طوائف معينة وبدأت عمليات مهاجمة المباني الحكومية وموظفيها ومباني الشرطة والمحاكم . ومع ذلك استجابت الحكومة لطلبات المحتجين , وأجرت العديد من الإصلاحات الجوهرية ودعت لإجراء حوار وطني . ولكن استمرت المظاهرات التي بات مشكوكاً بأمرها . وتداعت شخصيات سورية في الخارج تعيش في اوروبا منذ 40 عاماً لتشكيل جسماً معارضاً , ليس له حظوظ الفوز في أي انتخابات تجرى بسبب عدم تمتعهم بقاعدة دعم شعبي لهم في البلاد . ولذلك ركزوا على مقولة قلب نظام الحكم بقوة السلاح . بدؤوا بإطلاق التحريض الطائفي , وفي نفس الوقت إرسال المقاتلين الأجانب . ويمكننا الاستدلال على ذلك من خلال التقرير الأخير الصادر عن الأمم المتحدة الذي أحصى جنسيات هؤلاء المقاتلين الذين يقاتلون في سورية من 29 دولة ! وتستطرد قائلة : قمنا بالتقاط صور للأسلحة الأجنبية التي يستخدموها , وهي أسلحة لا يمكن أن يتم شراؤها من قبل سورية والجيش السوري لا يمتلكها . منها على سيبل المثال بندقية M16 والرشاشات الأوروبية والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات وكذلك أجهزة الاتصالات الفضائية المتطورة , التي قدمتها لهم علناً بعض الدول الغربية . وتلك الأسلحة ترسل عبر تركيا عبر ضباط أتراك على الحدود . والصحفية اللبنانية التي شهدت عملية نقل تلك الأسلحة وحاولت تصويرها تم توقيفها واحتجازها في تركيا لمدة ثلاثة أيام , كما وحطموا لها جهاز التصوير الخاص بها . حيث يشرف الجيش التركي على الحدود بين البلدين بموجب معاهدة موقعة بين البلدين منذ عام 1998 . وليس هناك حرس على الحدود السورية , وقد تحققت من ذلك بنفسي . ولا يمكن القول إن ما يجري في سورية هي حرب أهلية , وقد شهدت أن داخل العائلة الواحدة هناك انقسام بين مؤيد للحكومة وبين معارض لها . وفي سؤال إن كانت تعتقد أن ثمة حلاً سلمياً للأزمة السورية تقول الصحفية اناستازيا : اعتقد أنه الحل الوحيد الذي سينهي الأزمة , وكل الصراعات في العالم انتهت بتوقيع اتفاق سلام بين الطرفين . ولكن الوضع على الأرض في سورية هو على النحو التالي : لا زالت الحكومة تسيطر على جميع المدن الكبرى . وعلى الرغم من مرور عام على القتال الشرس عجزت المعارضة المسلحة في إنشاء معاقل لهم أو الاستيلاء على جزء كبير من الأراضي . ضرب بينهم الانقسام بسبب فقدان الدعم المالي , والبعض لجأ إلى السرقة والنهب والبعض الآخر حمل سلاحه في وجه المقاتلين الأجانب , والبعض انضم إلى القاعدة التي تقاتل في سورية , والتي تدعى رسمياً ( المجموعات الإرهابية ) وبالتالي نسأل : مع من يمكن التفاوض ؟ وحتى مبعوثي الأمم المتحدة لم يجدوا محاوراً واحداً باسم هذه المجموعات , ولذلك فشلت محاولة وقف إطلاق النار. وعلى الرغم من ذلك أكد الرئيس السوري مرة أخرى استعداده للحوار في خطابه الأخير . ولكن هذه المرة أشار بصراحة إلى الداعم الخارجي للمسلحين . وللأسف , يبدو أن الحل السلمي ليس على جدول أعمالهم حتى الآن . وتقول الصحفية اناستازيا إن هذا الفيلم الوثائقي الذي صورته عن الأحداث في سورية لم يكن في صلب مهمتها . حيث كانت مهمتها تنحصر في إرسال تقارير عن الأحداث . ولكنها ارتبطت بصداقات مع سوريين , والعديد منهم قُتل هناك « أحسست بآلامهم من كل جوارحي , وقررت حينها أن أصنع فيلماً , وهو رد فعل عاطفي على الأحداث التي غطيتها . صنعته تكريماً لأصدقائي الذي استشهدوا هناك وللشعب السوري الذي يسخر من السياسة ويريد فقط العيش في سلام . وكنت محظوظة أن عملي وفر لي متنفساً لكي أنشره ويراه عدد كبير من الناس , واستغليت تلك الفرصة , حتى وإن كانت الموافقة عليه من قبل رؤسائي لم تكن بالسهلة .» وتؤكد الصحفية الروسية أنه يعمل في سورية أكثر من 300 صحفي يمثل وسائل إعلام أجنبية, ويرسلون تقاريرهم بكل حرية عبر الانترنيت دون رقابة من جانب الحكومة السورية , التي توفر تقنيات اتصال متطورة من الجيل الثالث , ومن لا يصدق ذلك ( لاتهامي بأنني مراسلة لقناة تملكها الحكومة الروسية ) بإمكانه الذهاب والتأكد بنفسه , ولكنه سوف يندهش لاكتشافه واقع مختلف عما يروجونه . وثمة مثال جاء في صحيفة الاندبندت البريطانية يقول فيها المراسل « أنا الآن في دمشق منذ عشرة أيام , وقد صعقني الاختلاف الواسع جداً بين ما رأيته في مختلف المناطق السورية التي زرتها وبين الصورة التي تروج عنها في العالم أجمع من قبل زعماء الغرب ووسائل الإعلام الأجنبية « بينما ورد في صحيفة الغارديان عن مراسلها هناك قوله نقلاً عن المجموعات المسلحة « لا يوجد هناك أي تقدم حقيقي على الأرض , وهذا أثر في داعمينا الذين لم يعودوا يرسلون لنا الذخيرة ..وحتى الناس ملت منا , في البداية كنا محررين ولكنهم الآن يكرهوننا ويتظاهرون ضدنا « وحول رأيها في الموقف الروسي تقول « أعتقد أنهم مدركون لما يجري على الأرض ويصرون على تحقيق السلام عبر وقف فوري لإطلاق النار وإجراء حوار يضم مختلف الأفرقاء » وتؤكد الصحفية اناستازيا أن قرار ذهابها إلى سورية للمرة الأولى اتخذه رؤساؤها في القناة كمراسلة خاصة . وفي حال أرسلوها مرة أخرى إلى سورية ستوافق فوراً . |
|