|
من داخل الهامش ليس لدي أبداً ما أقوله هنا إلاّ أن عمق حياة وتجارب المبدع تغني إبداعه سواء أكان رواية أم شعراً أم فناً، وإذا ما أتى بشكل مذكرات أو أدب سيرة ذاتية، وهنا بيت القصيد... ماذا عن المذكرات... كيف تكتب ولماذا تكتب، وهل تقدم كل شيء.. بل هل نعتبرها أدباً...؟! سياسيون وفنانون ومفكرون و.. كتبوا مذكراتهم وقدموها كما أرادوا وأظن أن المقولة الشعبية التي يرددها الكثيرون: (من بيده القلم لا يكتب نفسه بين الأشقياء) والذي يقرر أن يقدم مذكراته لديه ما يقدمه ولديه ما يخفيه ويبعده.. وفي التجارب الكثير سواء في مذكرات السياسيين أم الأدباء أم غيرهم... بيل كلينتون لم يبح بكل شيء، وهيلاري لم تقل رأيها صراحة بما جرى بين بيل ولوينسكي، لكنها قالت مواربة: نظرت إلى بيل يوم صالحنا مانديلا ووددت أن أدق عنقه لكنه رئيسي.. وفي مذكرات الأدباء الكثير من الأسرار التي لم نكن لنعرفها لولا أنهم قرروا أن يبوحوا بها.. هل قرأتم (يومياتي) للجواهري حوار أجراه معه فاروق البقيلي ونشر.. وكان رحمه الله جريئاً فيه بلا حدود.. هل قرأتم مذكرات عبد الحميد جودة السحار حين يصف زيارة المقابر إذ كان طفلاً صغيراً يذهب مع أمه ونساء أعمامه، الى المقابر وكانت النسوة يشترين كميات كبيرة من الموز، وبلحظات يتم التهامها في المقبرة، بحجة أن المرحوم كان يحب الموز... هل قرأتم اعتراف الياس فرحات وأن مكتبته لم تكن تحوي أكثر من عشرة كتب.. وغير ذلك كثير.... وأدب المذكرات بالتأكيد غير السيرة الذاتية، ولدينا ما قدمه (طه حسين) في رائعته الأيام.. وعلى كل حال هذان اللونان من الابداع لم يجدا الاهتمام الكبير في عالمنا العربي، وربما لم يكن الاعتراف سيداً فيما قدمه هؤلاء المبدعون... الاعتراف لون بين المذكرات والسيرة الذاتية، بل هو الذي يوشي الكتابة ويعطيها دفعاً وطعماً.. وربما رآه البعض علاجاً نفسياً إذ يدعي المبدع بكل مالديه من هموم وهنا نشير الى(آلام فرتر) لغوته إذ يروى أن غوته شعر بالراحة والطمأنينة النفسية بعد أن ألقى باعترافاته وآلامه على لسان (فرتر)... لون من الأدب قد يكون كاتبه مفكراً، سياسياً، شاعراً، فناناً، فيه المتعة وإنارة كواليس لا نعرفها، لكن ذلك كلّه يبقى رهن الكاتب وجرأته في البوح وتدوين ما جرى وخطورة مايقدمه... |
|