تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كل يوم نزف الشهيد

عين المجتمع
الأحد 6-5-2012
 منال السمّاك

لأنهم الأكرم بذلوا دماءهم رخيصة .. و لأنهم الأنبل رحلوا لنحيا في وطن العزة و الكرامة .. و على دروب الشهادة مضوا بخطا ثابتة لينضموا إلى كواكب الشهداء ويضيئوا صفحات تاريخنا نوراً و ناراً ،

لم يمهلونا لعيد الشهيد لنستحضر معاني البطولة و التضحية ، فكل أيام السنة لدينا أصبحت السادس من أيار ، و كل فصولها صيفاً و خريفاً و شتاءً أبت إلا أن تكون ربيعاً للشهادة و عيداً للشهداء ، في كل يوم كنا نزف الشهيد و نغني له ، و ننثر موكبه بالورد و الريحان و نكلل نعشه بأكاليل الغار ، و في كل يوم كنا نعزف لحن الشهيد و الوداع ، و نغرس الأحباب من حماة الديار في رحم الأرض لتزهر شقائق النعمان بحمرة الدماء ، و كل نسمة هواء سورية رددت صدى زغاريد الأمهات و هن يودعن فلذات الأكباد ، و يغالبن الدموع بهمساتهن التي تحمل من التحدي و الإصرار ما يكفي لحض البقية من الأبناء على السير على خطا من رحل ليبقى الوطن حصناً منيعاً على الأعداء .‏

هذه السنة أصبح لعيد الشهيد معنى مختلف عن المعتاد ، خرج عن أطره النظرية و نفض الغبار عن طقوسه و احتفالاته التقليدية و انطلق خارج سطور التاريخ ، فالشهيد أكثر قرباً منا ، هو أخ و ابن و أب و زوج و قريب و جار و صديق ، لم نعد بحاجة لاستحضار الأبطال من الأزمنة الغابرة ممن قارعوا الاحتلال العثماني و الانتداب الفرنسي و خطوا بطولات حرب تشرين و قارعوا الصهاينة في الأرض المحتلة ، لتقريب مفهوم الشهادة من أذهان الأطفال ، فهم في كل يوم و في كل بقعة من هذه الأرض الطيبة ينهلون دروساً وطنية ، و يزدادون تمسكاً بوحدتنا الوطنية و الترفع عن الأحقاد و افتعال الصراعات التي تروي ظمأ الطامعين و المتربصين بنا شراً .‏

يقولون « و من الحب ما قتل » و هذا حال من عشقوا سورية و أدمنوا حب ترابها ، فآثروا أن يضموا من ذابوا بحبه و يستنشقوا رائحة أديمه و يتلاشوا به ، و تبقى أرواحهم بيننا و ذكراهم حاضرة أبداً، و رغم الألم و الحزن الذي حفر أخاديده في القلوب ، لايسعنا إلا أن نترحم على أرواح من رحلوا من مدنيين و عسكريين ، و مع اشراقة شمس الأمان و الاستقرار سنذكرهم و نروي ما لم يرووه و ندوّن الأمجاد ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية